فصل :
فإن ، أزال به النجاسة وتيمم ؛ لأن التيمم عند الحدث ثابت بالنص والإجماع . كان محدثا وعليه نجاسة والماء يكفي إحدى الطهارتين
حتى لو كانت النجاسة على ثوبه الذي لا يجد غيره ، أزالها بالماء في إحدى الروايتين ، وفي الأخرى يتوضأ ويدع الثوب ، وإن لم يتيمم له ؛ لأن طهارة الثوب مختلف فيها والوضوء مجمع عليه ، ولو كانت النجاسة على بدنه وثوبه غسل الثوب وتيمم للبدن ، ويتوجه على الرواية الثانية أن يغسل البدن .
الشرط الثاني : ( الوقت ، ، ولا لنافلة في وقت النهي عنها ) هذا المشهور في المذهب لأن الله أمر القائم إلى الصلاة بالوضوء فإن لم يجد الماء تيمم ، وهذا يقتضي أن لا يتيمم إلا بعد " القيام " إلى الصلاة وإعواز الماء ، وإنما جاز الوضوء قبل الوقت لأنه [ ص: 441 ] يرفع الحدث بخلاف التيمم ، أو لأن الآية خطاب للمحدثين ، والمتيمم داخل فيهم بخلاف المتوضئ ، ولأن التيمم طهارة ضرورة فلم يجز قبل الوقت كطهارة المستحاضة ، ولأنه حكم مقيد بالضرورة فتقيد بقدرها ، كأكل الميتة ، ولأنه هو مستغن عنه فلم يجز كتيمم الواجد للماء مع ظاهر قوله صلى الله عليه وسلم : " فلا يتيمم لفريضة قبل وقتها " وقوله عليه السلام : " أينما أدركتني الصلاة تمسحت وصليت " رواهما أينما أدركت رجلا من أمتي الصلاة فعنده مسجده وعنده طهوره الإمام أحمد .
وفي رواية أخرى مخرجة أنه يجزئ كالماء ، وهذا في التيمم للصلاة ، فأما ذلك مما تبيحه الطهارة كالطواف ومس المصحف وقراءة القرآن واللبث في المسجد والحائض المنقطع دمها للوطء ، فيجوز في كل وقت يجوز فعله فيه ؛ لأنها أفعال تبيحها الطهارة بالماء فأبيحت بالتراب كالصلاة ، ولقوله صلى الله عليه وسلم : " التيمم لغير " فإذا دخل الوقت جاز له أن يتيمم ويصلي سواء غلب على ظنه أنه يجد الماء في الوقت أو لم يغلب ، ولا إعادة عليه إذا وجد الماء في الوقت إلا إذا تيقن وجود الماء في الوقت على رواية تقدمت لأنه مخاطب بالصلاة في أول الوقت . وقد روى الصعيد الطيب طهور المسلم إذا لم يجد الماء عشر سنين أبو داود عن والدارقطني أبي سعيد " ولأنه أدى فرضه كما أمر فلم يلزمه إعادة كما لو وجد الماء بعد الوقت لكن إن أعاد في الوقت فهو مستحب في أحد الوجهين للحديث الذي ذكرناه ، ولأن من العلماء من يوجب الإعادة ، وفي الآخر لا تستحب كالمستحاضة إذا انقطع دمها في الوقت بعد الصلاة وللماسح على الخفين ، فأما إذا وجد الماء بعد الوقت فلا تشرع الإعادة ، والأفضل أن رجلين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم خرجا في سفر فحضرت الصلاة وليس معهما ماء ، فتيمما صعيدا طيبا فصليا ، ثم وجدا الماء في الوقت فأعاد أحدهما ولم يعد الآخر ، ثم أتيا رسول الله صلى الله عليه [ ص: 442 ] وسلم فذكرا ذلك له فقال للذي لم يعد : " أصبت السنة وأجزأتك صلاتك " وقال للذي أعاد : " لك الأجر مرتين ، وأن لا يزال يطلبه حتى يخاف فوت الوقت ، نص عليه ؛ لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : " تأخير التيمم إلى آخر الوقت " رواه إذا أجنب الرجل في السفر تلوم ما بينه وبين آخر الوقت فإن لم يجد الماء تيمم أبو حفص . ولأن التأخير جائز من غير كراهة ، فإذا كان لتحصيل فضيلة مرجوة كان أفضل ، كما لو أخره لطلب جماعة أو تخفف من الأخبثين وأولى ، وهذا عند أكثر أصحابنا كالقاضي وأبي الخطاب وغيرهما ، لمن يرجو وجود الماء [ ص: 443 ] في آخر الوقت بحيث يكون طمعه ويأسه متقاربين ، فأما إن يئس من وجوده في غالب الظن فلا يستحب التأخير ، ومنهم من استحب التأخير مطلقا ؛ لأن وجود الماء ممكن . وكلام أحمد مطلق في استحباب التأخير ، وإذا تيمم للمكتوبة صلى صلاة الوقت وجمع بين الصلاتين وصلى الفوائت والنوافل والجنازة حتى يخرج الوقت في أشهر الروايات ، وفي الأخرى يتيمم لكل فريضة ، وقيل : يتيمم لكل نافلة أيضا ، ولكل حال يستبيح الطواف وقراءة القرآن ومس المصحف واللبث في المسجد ، وكذلك وطء الحائض في أقوى الوجهين ، والثالثة يصلي بتيممه ما لم يحدث كالماء ، ووجه الأولين ما روى عن مجاهد أنه قال : " ابن عباس ، ثم يتيمم للصلاة الأخرى السنة أن لا يصلي بالتيمم إلا صلاة واحدة " . من
والصاحب إذا أطلق السنة فإنما يعني سنة النبي صلى الله عليه وسلم ، وروى ابن المنذر عن قال : " يتيمم لكل صلاة " وعن ابن عمر علي قال : " " وعن التيمم عند كل صلاة قال : " يجدد لكل صلاة تيمما " ولم يعرف لهم في الصحابة مخالف ، إلا رواية عن عمرو بن العاص والمشهور عنه خلافها ، ولأن الله تعالى أمرنا بالتيمم عند القيام إلى الصلاة [ ص: 444 ] كما تقدم ، ولأن التيمم لا يرفع الحدث لأن ابن " عباس " " أصليت بأصحابك وأنت جنب " لعمرو بن العاص سماه جنبا مع علمه أنه قد تيمم للبرد . النبي صلى الله عليه وسلم قال
ولأن المتيمم إذا وجد الماء استعمله بحكم الحدث السابق ، فلو كان الحدث قد ارتفع لما عاد إلا بوجود سببه ، فمن قال : يتيمم لفعل كل صلاة ، تمسك بظاهر هذه الآثار ، والصحيح أن معناه يتيمم كل صلاة من الصلوات المعهودة ، هي المكتوبات في أوقاتها لأنه المتبادر إلى الفهم من ذلك ، ولهذا قال " ثم يتيمم للصلاة الأخرى " والتعريف للعهد ، ولهذا لا يجب التيمم لفعل كل نافلة وواجب فما قال : يتيمم للصلاة الأخرى ، بل قال : يتيمم للرواتب قبلها وبعدها ، وقول ابن عباس علي : عند كل صلاة ، تنبيه على الوقت ، ولأن وبتيمم الفريضة ، فكذلك الفرائض في وقت واحد ، ولأن طهارة المستحاضة إنما تبطل بخروج الوقت مع دوام الحدث وتجدده فطهارة المتيمم أولى ، وإذا النوافل تفعل بتيمم واحد صار وقتها وقتا واحدا حتى لو تيمم في وقت الأولى لهما أو الفائتة ، لم يبطل تيممه بدخول وقت الثانية ، وإذا استباح ما تمنع منه الجنابة كقراءة القرآن واللبث في المسجد ، أو حدث الحيض كالوطء ، بتيمم له ، أو لصلاة ، بطل أيضا بخروج الوقت في أحد الوجهين ، اختاره القاضي ، وفي الآخر لا تبطل كما لا تبطل إلا بنواقض الوضوء لأن وقت الصلاة لا تعلق له بذلك ، ويحتمل أن تبطل إذا استباح ذلك بتيمم الصلاة دون ما استباحه بتيممه . نوى الجمع بين الصلاتين في وقت الثانية