[ ص: 465 ] فصل : في ظاهر المذهب ، وعنه لا تجب بل يستغفر الله تعالى ، حملا للحديث الوارد فيه على الاستحباب مع ما فيه من الاضطراب ، فإنه وطء حرام لا لأجل عبادة فلم يوجب كفارة كالزنا والوطء في الدبر ، ووجه الأولى ما روى وإذا وطئ الحائض وجبت عليه الكفارة عن عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب مقسم عن ابن عباس " . قال : " عن النبي صلى الله عليه وسلم في الذي يأتي امرأته وهي حائض قال : " يتصدق بدينار أو نصف دينار سمعت أبو داود يقول : أحمد بن حنبل
" ما أحسن حديث عبد الحميد فيه " قيل له : فتذهب إليه ؟ قال : " نعم " وقال " : هذه السنة الصحيحة التي سنها رسول الله صلى الله عليه وسلم في غشيان الحائض " . إسحاق بن راهويه
وقد رواه الإمام أحمد بإسناد جيد من حديث قتادة عن مقسم ، ولأنه وطئ فرجا يملكه حرم لعارض فجاز أن يوجب الكفارة كالوطء في الصيام [ ص: 466 ] والإحرام وطرده الاعتكاف ، إن قلنا به ، وإلا قلنا : حرم لسبب عارض من جهة الله ، وهذا لأن الكفارة ماحية للذنب وزاجرة عنه فلا تشرع في الكبائر ونحوها مما تأبد تحريمه ، كالزنا والوطء في الدبر ، فإنه أعظم من أن يكفر ، والداعي إليه أقوى من أن يكتفى فيه بالكفارة ، فأما إذا كان التحريم عارضا فربما دعت النفس إلى العادة ، فشرعت الكفارة ماحية للذنب فإنه أهون ، وزاجرة عن معاودته ، ولهذا أغنى وجوبها عن التعزير في أحد الوجهين ، ويشرع التعزير فيما لا كفارة فيه ، وبهذا أوجبنا الكفارة في وطء رمضان والإحرام ، ولم تكن العلة في الأصل إفساد العبادة فقط لأنا نوجبها في الإحرام الفاسد والصوم الفاسد في رمضان ، وإنما وجبت في الأصل زجرا ومحوا وجبرا ولا شيء في الفرع يجبر ، فلهذا خفت .