فصل
والأحمر كالأسود في غير المستحاضة ؛ لأنه دم مثله ، وقيل : يعتبر السواد في حق المبتدأة ، فلا تكون بالغة بالأحمر ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : " دم الحيض أسود يعرف " ، ولأن المبتدأة لا عادة لها ، فيكون السواد دليل الحيضة ، والأول هو المشهور ؛ لأن الأحمر إذا جاء في العادة بدل الأسود كان حيضا ، فإذا لم يخالف صفة متقدمة فهو أولى بذلك ، بخلاف الصفرة والكدرة ، فإنه لا تجيء الحيضة منها وحدها قط ، فأما الصفرة والكدرة فهي في زمن العادة حيض يتقدمها حمرة وسواد أو لم يتقدمها ، وفيما خرج عن العادة ليست بحيض ، تكررت منها أو لم تتكرر ، بل يكفي فيها الوضوء ، [ ص: 507 ] وعنه ما يدل على أنها إن تكررت كانت حيضا ، واختاره القاضي في المجرد وابن عقيل ؛ لأنها بالتكرر تصير كما لو كانت في العادة بخلاف ما تراه بعد الطهر ، فإنها لا تلتفت إليه لو كان دما ، ولأن الصفرة والكدرة من ألوان الدم ، فأشبه السواد والحمرة . وقد روي عن ما يشبه ذلك ، ووجه الأول قوله في التي ترى ما يريبها بعد الطهر : " أسماء بنت أبي بكر " ، وقالت إنما هو عرق أو عروق : " كنا لا نعد الكدرة والصفرة شيئا " رواه أم عطية ، وفي لفظ البخاري : " بعد الطهر " ، وهذا يبين أنه قبل الطهر حيض . لأبي داود
كما رواه أحمد عن : " إن نساءكن يرسلن بالدرجة فيها الشيء من الصفرة إليها ، فتقول : لا تعجلن حتى ترين القصة البيضاء " ، قال عائشة أحمد : " القصة شيء يتبع الحيضة أبيض ، لا يكون فيه صفرة ولا كدرة " ، وقال أيضا : " تدخل القطنة ، فتخرج عليها نقطة بيضاء تكون على أثر الدم ، هي علامة الطهر " وقال في رواية أخرى : " القصة البيضاء : إذا استدخلت القطنة فخرجت بيضاء ليس عليها شيء " وكذلك قال الأزهري .
والقصة بضم القاف : القطنة التي تحشوها المرأة ، فإذا خرجت بيضاء لا تغير عليها فهي القصة . ورواه عن البخاري قالت : " في الصفرة [ ص: 508 ] والكدرة إذا كانت واصلة بالحيض فهي بقية من الحيض لا تصلي حتى ترى الطهر الأبيض ، وإذا رأت الطهر الأبيض ثم رأت الصفرة والكدرة بعد ذلك فإنما تلك الترية ، تتوضأ وتصلي " . عائشة
قال : " إذا إسحاق بن راهويه مستلزما بحيضها في أيام أقرائها فذلك حيض كله " . رأت الطهر الأبيض ثم رأت صفرة أو كدرة
قال : " ولا اختلاف بين أهل العلم في ذلك " . وروى حرب عن قالت : " إذا عائشة توضأت وصلت ، وإن رأت دما أحمر اغتسلت وصلت " وهذا يبين أن حكمه مخالف لحكم الدم الأحمر ، تكرر أو لم يتكرر ، ولأنه عدم اللون والعادة ، فضعف كونه حيضا ، وهو وحده لا يكاد يتكرر وإن فرض ذلك فهو نادر ، ولو رأت بعد الطهر صفرة أو كدرة لم تلتفت إليه لما تقدم ، وقد روي ذلك عن رأت المبتدأة صفرة أو كدرة ، وقال القاضي وغيره : " تجلسه بناء على أن اليوم والليلة للمبتدأة كالعادة للمعتادة " . وبنى على هذا بعض أصحابنا أنها لو رأت الصفرة والكدرة خارج العادة كان حكمها حكم الدم العبيط في أنها تحسبها حيضا على رواية ، لما روي عن عائشة . أسماء
والأول هو المنصوص عنه ، إذ الصفرة والكدرة ليست بنفسها حيضا ، لا سيما إذا وردت على طهر متيقن .