[ ص: 147 ] ( الفصل الثالث )
أنه يعتبر أن يجد الزاد والراحلة بالآلة التي تصلح لمثله من الغرائر ، وأوعية الماء ، وأن يكون الزاد مما يقتاته مثله في هذا الطريق طعاما وأدما ، وأن تكون آلات الراحلة مما تصلح لمثله . فإن كان ممن لا يمكنه الركوب إلا في محمل ونحوه بحيث يخاف السقوط اعتبر وجود المحمل ، وإن كان يكفيه الرحل والقتب بحيث لا يخشى السقوط أجزأه وجود ذلك سواء كانت عادته السفر في المحامل ، أو على الأقتاب والزوامل والرحال . وإن كان ممن يستحي من الركوب على الزوامل لكونه كان من الأشراف والأغنياء ... .
[ ص: 148 ] والأفضل أن يحج على الرحل والزاملة دون المحمل إذا أمكن ، لما روى عامر بن عبد الله بن أنس قال : ( على رحل ولم يكن شحيحا ، وحدث أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حج على رحل ، وكانت زاملته أنس ) . رواه حج . والزاملة : هي البعير الذي يحمل متاع الرجل وطعامه ، وازدمله : احتمله ، والزميل : الرديف ، والمزاملة : المعادلة على بعير . البخاري
وعن ، عن الربيع بن صبيح يزيد الرقاشي ، عن قال : ( أنس ) . رواه حج النبي - صلى الله عليه وسلم - على رحل رث ، وقطيفة تساوي أربعة دراهم ، أو لا تساوي ، ثم قال : [ ص: 149 ] ( اللهم حجة لا رياء فيها ، ولا سمعة ، وفيهما كلام . ابن ماجه
وهل يكره ؟ على روايتين : إحداهما : لا يكره ، قال في رواية الحج في المحمل صالح : والمحامل قد ركبها العلماء ورخص فيها .
والثانية : يكره ، قال في رواية عبد الله : كان يكره المحامل للرجل [ ص: 150 ] ولا يرى بها للنساء بأسا ، وقال عطاء : القباب على المحامل بدعة . وظاهره أنه أفتى بذلك . عطاء
وغير ذلك : اعتبرت القدرة عليه بكراء ، أو شراء ، ويعتبر أن يجدهما في ملكه ، أو هما بكراء ، أو شراء إذا كان ذلك عوض مثلهما في غالب الأوقات في ذلك المكان ، وهو واجد له . وإذا كان يحتاج إلى من يخدمه في ركوبه وطعامه
وإن وجد ذلك بزيادة يسيرة على عوض المثل لزمه الشراء والكراء . وإن كانت كثيرة تجحف بماله : لم يلزمه بذلها ، وإن كانت لا تجحف بماله ففيه وجهان :
وإن كان السعر غاليا في ذلك العام غلاء خارجا عن الأمر الغالب فقيل : يعتبر ثمن مثله في ذلك الوقت .
وسواء كان الثمن عينا أو دينا يمكنه اقتضاؤه بأن يكون على موسر باذل ، أو غائب يمكن إحضاره لم يلزمه ذلك .
[ ص: 151 ] ثم إن كان يجد الزاد في بعض المنازل ، أو في كل منزل : لم يلزمه حمله من مصره ، بل عليه حمله من موضع وجوده إلى موضع وجوده ، وإن لم يجد فعليه حمله سواء كان من عادته أن يكون موجودا فيما بينه وبين مكة ، أو لا .
وأما الماء له ولدوابه وعلف الرواحل ، فمن عادته أن يكون موجودا في بعض المنازل فعليه حمله من موضع وجوده على ما جرت به العادة الغالبة .
فإن لم يكن في الطريق ماء ولا علف ، فقال القاضي وأبو الخطاب وأكثر أصحابنا : ليس عليه حمله من بلده ، ولا من أقرب الأمصار إلى مكة ؛ لأن هذا يشق ، ولم تجر العادة به ، ولا يتمكن من حمل الماء لبهائمه في جميع الطرق ... .
وقال ابن عقيل : حكم علف البهائم : حكم زاده في وجوب حمله إذا لم يكن موجودا في الطريق .