[ ص: 172 ] مسألة : 
( ويعتبر للمرأة وجود محرمها ، وهو زوجها ، ومن تحرم عليه على التأبيد بنسب ، أو سبب مباح )   . 
في هذا الكلام فصلان : - 
أحدهما : أن المرأة لا يجب عليها أن تسافر للحج ، ولا يجوز لها ذلك إلا مع زوج ، أو ذي محرم  ؛ لما روى  ابن عمر    - رضي الله عنهما - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : [ ( لا تسافر المرأة ثلاثا إلا معها ذو محرم   ) . متفق عليه ، وفي لفظ  لمسلم    ] : ( لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة ثلاث ليال إلا ومعها ذو محرم   ) . وعن  أبي سعيد الخدري    - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - : ( نهى أن تسافر المرأة مسيرة يومين ، أو ليلتين إلا ومعها زوجها ، أو ذو محرم منها   ) . متفق عليه ، وفي رواية للجماعة إلا  البخاري   والنسائي    : ( لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر سفرا يكون ثلاثة أيام فصاعدا إلا ومعها أبوها ، أو ابنها ، أو زوجها ، أو أخوها ، أو ذو محرم منها   ) . 
 [ ص: 173 ] وعن  أبي هريرة  أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : ( لا يحل لامرأة تسافر مسيرة يوم وليلة ليس معها حرمة إلا مع ذي محرم عليها   ) . متفق عليه ، وفي رواية  لمسلم  وغيره : ( مسيرة يوم إلا مع ذي محرم   ) . وفي رواية له ولغيره : ( لا يحل لامرأة مسلمة تسافر مسيرة ليلة إلا ومعها رجل ذو حرمة منها   ) . وفي رواية  لأبي داود    : ( بريدا ) . 
 [ ص: 174 ] وعن  ابن عباس    - رضي الله عنهما - أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : ( لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم ، ولا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم ، فقام رجل فقال : يا رسول الله ، إن امرأتي خرجت حاجة ، وإني اكتتبت في غزوة كذا وكذا قال : فانطلق فحج مع امرأتك   ) . متفق عليه ، ولفظ  البخاري    : ( لا تسافر امرأة إلا مع محرم ، ولا يدخل عليها رجل إلا ومعها محرم ، فقال رجل : إني أريد جيش كذا وكذا ، وامرأتي تريد الحج ، قال : اخرج معها   ) . 
فهذه نصوص من النبي - صلى الله عليه وسلم - في تحريم سفر المرأة بغير محرم  ، ولم يخصص سفرا من سفر ، مع أن سفر الحج من أشهرها وأكثرها . فلا يجوز أن يغفله ، ويهمله ويستثنيه بالنية من غير لفظ ، بل قد فهم الصحابة منه دخول سفر الحج في ذلك لما سأله ذلك الرجل عن سفر الحج ، وأقرهم على ذلك ،   [ ص: 175 ] وأمره أن يسافر مع امرأته ، ويترك الجهاد الذي قد تعين عليه بالاستنفار فيه ، ولولا وجوب ذلك لم يجز أن يخرج سفر الحج من هذا الكلام ، وهو أغلب أسفار النساء ، فإن المرأة لا تسافر في الجهاد ، ولا في التجارة غالبا ، وإنما تسافر في الحج ، ولهذا جعله النبي - صلى الله عليه وسلم - جهادهن . 
وقد أجمع المسلمون على أنه لا يجوز لها السفر إلا على وجه يؤمن فيه البلاء ، ثم بعض الفقهاء ذكر كل منهم ما اعتقده حافظا لها وصاينا ،   [ ص: 176 ] كنسوة ثقات ، ورجال مأمونين ، ومنعها أن تسافر بدون ذلك . 
فاشتراط ما اشترطه الله ورسوله أحق وأوثق ، وحكمته ظاهرة ، فإن النساء لحم على وضم إلا ما ذب عنه ، والمرأة معرضة في السفر للصعود والنزول والبروز ، محتاجة إلى من يعالجها ، ويمس بدنها ، تحتاج هي ومن معها من النساء إلى قيم يقوم عليهن ، وغير المحرم لا يؤمن ولو كان أتقى الناس ؛ فإن القلوب سريعة التقلب ، والشيطان بالمرصاد ، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : ( ما خلا رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما   ) . قال أحمد    - في رواية  الأثرم    : لا تحج المرأة إلا مع ذي محرم ؛ لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى أن تحج المرأة إلا مع ذي محرم   . 
وليس يشبه أمر الحج الحقوق التي تجب عليها ؛ لأن الحقوق لازمة واجبة   [ ص: 177 ] مثل الحدود وما أشبهها ، وأمر النساء صعب جدا ؛ لأن النساء بمنزلة الشيء الذي يذب عنه ، وكيف تستطيع المرأة أن تحج بغير محرم ؟ فكيف بالضيعة وما يخاف عليها من الحوادث ؟! 
ولا يجوز لها أن تسافر بغير محرم إلا في الهجرة ؛ لأن الذي تهرب منه شر من الذي تخافه على نفسها ، وقد خرجت  أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط  ، وغيرها من المهاجرات بغير محرم ، وفي حضور مجلس الحاكم ؛ لأنه   [ ص: 178 ] ضرورة يخاف منه أن يضيع حق المدعي ، وفي التغريب لأنه حد قد وجب عليها . 
فإن كان بينها وبين مكة دون مسافة القصر ... . 
والعجوز التي لا تشتهى ... . 
 [ ص: 179 ] وهل المحرم شرط للوجوب أو للزوم والأداء  ؟ على روايتين : 
إحداهما : هو شرط للوجوب ، وهو قول أبي بكر  ، وابن أبي موسى  قال - في رواية ابن منصور    - : المحرم للمرأة من السبيل ... . 
				
						
						
