فصل
وأما قوله : فإن لم يجد فصيام عشرة أيام ؛ فقد نص أحمد على ذلك في غير موضع ، قال - في رواية الأثرم وابن منصور - إذا فلا يحل إلى يوم النحر ، ولا ينحر إلى يوم النحر ، وإن لم [ ص: 375 ] يكن معه هدي صام عشرة أيام قبل أن يحل ، وليس هذا بمنزلة القارن والمتمتع . القارن ، والمتمتع : يصوم ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع ، وهذا يصومهن كلهن قبل أن يحل . أحرم بالحج ، ثم أحصر وقد ساق معه هديا
وقال - في رواية أبي الحارث - : إذا يصوم عشرة أيام قبل يوم النحر ، وإذا كان يوم النحر حل ، فإن كان إحرامه بعمرة يصوم عشرة أيام ثم يحل . لم يكن مع المحصر هدي
ولا يختلف المذهب : أن المحصر يصوم عشرة أيام إذا لم يجد الهدي ، واختلف أصحابنا في وقت صومهن ، وأكثرهم أنه يصومها قبل التحلل كالهدي ، ولا يتحلل حتى يصومها كالمنصوص .
وقال أبو بكر - في التنبيه - : يصوم ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع ، ولا يصوم العشرة أيام في وقت واحد ؛ لأن هدي المحصر كهدي المتمتع ، لأن سببها التمتع فالصوم بالإحلال عنه كالصوم عن التمتع ، ويؤيد ذلك : أن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : لما صدوا .. . .
ووجه الأول : أن هذا الصائم قائم مقام تمام الحج والعمرة : فلا بد من فعله قبل الحل كالهدي بخلاف صوم التمتع ، وهديه ، فإنه إنما يهدي بعد انقضاء عمرته وحجه ، فكان قياس الصوم يفعله بعد ذلك ، وإنما قدمت الثلاثة ؛ لأنها [ ص: 376 ] مأمور بها في الحج .
فعلى هذا إن قلنا : يتحلل بذبح الهدي قبل النحر فتحلله بالصوم قبله أولى .
وإن قلنا : لا يتحلل بالهدي إلى يوم النحر : ففي الصوم روايتان منصوصتان ؛ إحداهما : لا يتحلل به إلى يوم النحر ، فيصوم العشرة الأيام قبل يوم النحر متى شاء من حين الحصر ، ولا يحل إلى يوم النحر نقلها أبو الحارث بناء على أن المحصر لا يحل إلى يوم النحر كالمطلق ؛ ليستديم الإحرام ، وليدخل وقت الفوات .
والثانية : يصوم ويتحلل قبل النحر نقلها الأثرم وابن منصور عنه مفرقا بين الهدي والصيام ؛ لأن الهدي لنحره وقت يختص به ، فتأخر حله لأجله ، بخلاف الصوم فإنه لا وقت له وهاتان الروايتان مفرعتان على المأخذين المتقدم ذكرهما .