فصل
ولا يجب في إحدى الروايتين ، فإن كان واجبا قبل الإحرام كحجة الإسلام والنذر والقضاء فعله بالوجوب السابق ، وسواء كان عليه نذر حج مطلق ، أو نذر الحج ذلك العام . قضاء النسك الذي أحصر عنه
قال - في رواية ابن القاسم - : ولا يعيد من أحصر بعدو حجا ولا عمرة إلا أن يكون رجلا لم يحج قط . وكذلك نقل أبو طالب والميموني .
والثانية : عليه القضاء كما تقدم عن أبي الحارث ، ونقل أبو طالب [ ص: 380 ] في موضع آخر إن كان معه هدي نحره وإلا فلا ينحر ، وعليه الحج من قابل ، كما فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - حين منع بالحديبية .
وقوله : وإلا فلا ينحر : يحتمل أنه إذا أوجب عليه القضاء : لم يوجب عليه ، ويحتمل أن عليه الصيام ، ويحتمل أن لا شيء على العادم بحال . وإذا قضى حجة الإسلام ، أو غيرها لم يلزمه عمرة معها على ما ذكره الهدي في عام الإحصار أحمد في قوله : بقضاء التطوع وهو قول القاضي - في خلافه - وكثير من أصحابنا .
وذكر القاضي - في المجرد - وابن عقيل - في الفصول - : أنا إذا قلنا : يجب قضاء التطوع فعليه عمرة ؛ لأن المحصر قد فوت الحج ، ومن فوت الحج فعليه أن يحل بعمرة فيلزمه قضاء هذه العمرة كما لزمه قضاء الحج ، وظاهر المذهب : أنه لا يلزمه عمرة وإن أوجبنا قضاء التطوع ؛ لأن هدي المحصر قام مقام بقية الأفعال ، كما قامت عمرة المفوت ، وعلى أنه ليس بمفوت إن خرج من إحرامه قبل الفوات ، وإن خرج بعد الفوات فقد تقدم ، فإن قلنا : يجب القضاء ؛ فلقول الله تعالى : ( الشهر الحرام بالشهر الحرام والحرمات قصاص ) فبين الله أن الشهر الحرام الذي قضوا فيه العمرة بالشهر الحرام الذي أحصروا فيه .
وأيضا : فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - قضى العمرة من العام القابل ، وسميت عمرة القضاء .
[ ص: 381 ] وإن قلنا : لا يجب وهو المنصور عند أصحابنا - : فلأن الذين أحصروا في عمرة الحديبية كانوا أكثر من أربع عشرة مائة ، فلم يأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - واحدا منهم بالقضاء في العام المقبل ، ولم يعتمر إلا نفر قليل ، وقد مات منهم قبل ذلك ناس .. . .