الفصل الثاني
أن
nindex.php?page=treesubj&link=3444_3821_3771الصيد تتعدد كفارته بتعدد قتله ، فكلما قتل فعليه جزاؤه ، سواء جزى الأول ، أو لم يجز . هذا أشهر الروايتين عن
أبي عبد الله رواها
ابن القاسم وسندي وحنبل في موضع .
قال - في رواية
ابن القاسم - : وإذا قتل المحرم الصيد فحكم عليه ، ثم عاد فقتل فإنه يحكم عليه كما عاد . والذين قالوا : إن عاد لم يحكم عليه :
[ ص: 385 ] إنما ذهبوا إلى التأويل فيه . والأمر على الحكم الأول عليه كفارة .
وقد روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب وغيره : أنهم حكموا في الخطأ وفيمن قتل ، ولم يسألوه هل كان قتل قبل هذا أم لا ؟ وإنما وجب عليه لتعظيم الإحرام مكانة ، والكفارة تجب على
nindex.php?page=treesubj&link=3444_3447_3771المحرم إذا قتل الصيد عمدا ، أو خطأ في الوجهين جميعا ، وقد روي عن عمر وغيره أنهم حكموا في الخطأ .
وروى
حنبل عنه : أنه إذا لم يكفر عن الأول فكفارة واحدة كسائر المحظورات . وهذا ينبغي أن يكون فيما جزاؤه واحد ، فأما إذا اختلف الجزاء هكذا ذكرها القاضي وغيره في موضع . ولفظهما في موضع آخر : لا جزاء عليه ينتقم الله منه . وهذا يقتضي أنه لا يكفر عن الصيد إلا مرة واحدة ، فإن قتله ثانيا لم يحكم عليه سواء كفر عن الأول ، أو لم يكفر . وهو الصواب في هذه الرواية .
ومن أصحابنا من يجعلها على ثلاث روايات .وهذا إنما يكون في العمد .
[ ص: 386 ] فأما الخطأ .. . .
وهل يفرق بين إحرام ، أو إحرامين ؛ لأن الله قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=95فجزاء مثل ما قتل من النعم ) إلى قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=95ليذوق وبال أمره عفا الله عما سلف ومن عاد فينتقم الله منه والله عزيز ذو انتقام ) فتوعد العائد إلى قتله بالانتقام ولم يذكر شيئا آخر كما ذكره في البادئ ، بل فرق بينهما ؛ فجعل على البادئ الجزاء ، وعلى العائد الانتقام .
ولأنه جعل الجزاء ليذوق القاتل وبال أمره بقتل الصيد ، وذلك بإخراج الجزاء ، ثم جعل العائد ينتقم الله منه ، وإنما ذاك بعذاب ينزله الله به لا يكون له فيه فعل والجزاء هو يخرجه .
وأيضا : فإنه جعل الطعام كفارة للقتل ، ومن ينتقم منه لم يكفر ذنبه ، ويؤيد ذلك ما روى
عكرمة عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال : " إذا
nindex.php?page=treesubj&link=3444_30532أصاب المحرم الصيد ، ثم عاد قيل له : اذهب فينتقم الله منك " رواه
النجاد .
[ ص: 387 ] وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12514ابن أبي عروبة - في المناسك - عن
قتادة : " إن أصاب الصيد مرارا خطأ حكم عليه ، وإن أصابه متعمدا حكم عليه مرة واحدة ، ومن عاد فينتقم الله منه ، قال : ذكر لنا أن رجلا عاد في عمد ، فبعث الله عليه نارا فأكلته " .
وأيضا : فإنه إذا تكرر منه القتل : فقد تغلظ الذنب ولحق بالكبائر الغليظة وتلك لا كفارة فيها كقتل العمد والزنا ، واليمين الغموس ، ونحو ذلك بخلاف أول مرة فإنه قد يعذر .
ووجه الأول : أن الله قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=95لا تقتلوا الصيد ) وهذا نهي عن قتله في كل مرة ؛ ثم قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=95ومن قتله منكم متعمدا ) وهذا يعم جميع الصيد ، وجميع القتلات على سبيل الجمع والبدل ، كما يعم جميع القاتلين ، كما عم قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=92ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله ) . ويوجب أيضا تكرر الجزاء بتكرر شرطه كما في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=196فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ) وكما في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=6إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا ) هذا هو المعهود في خطاب الشرع . وإن لم يحمل خطاب الناس على ذلك . على أن
[ ص: 388 ] الشرط في خطاب الناس إذا تعلق بمحل واحد لم يتكرر بتكرره في ذلك المحل ، كقوله : من دخل داري فله درهم ، وإن تعلق بمحال : تكرر بتكرر ، في تلك المحال كما لو قال : من دخل دوري فله بكل دخول درهم . وهنا محل القتل هو الصيد وهو متعدد .
وأيضا : فإنه
nindex.php?page=treesubj&link=3794_17160أوجب في المقتول مثله من النعم ، وذلك يقتضي أنه إذا قتل كثيرا وجب كثير من النعم .
وأيضا : فإن جزاء الصيد بدل متلف متعدد بتعدد مبدله كدية الآدمي وكفارته .
وأيضا : فإن الجزاء شرع جابرا لما فوت ، وماحيا لما ارتكب ، وزاجرا عن الذنب . وهذا يوجب تكرره بتكرر سببه كسائر المكفرات من الظهار ، والقتل ، والأيمان ، ومحظورات الإحرام ، وغير ذلك .
وأما الآية : فقد قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=95فينتقم الله منه ) وهذا كقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=23وأن تجمعوا بين الأختين إلا ما قد سلف ) .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=95عفا الله عما سلف ) - في الجاهلية (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=95ومن عاد ) في الإسلام (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=95فينتقم الله منه ) وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=22ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف ) . ويوضح ذلك : أن قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=95عفا الله عما سلف )
[ ص: 389 ] إخبار عن عفوه عما مضى حين نزول الآية قبل أن يقتل أحد صيدا يحكم عليه فيه ، وما ذاك إلا ما قتلوه قبل الآية .
وأيضا : فإن العفو يقتضي عدم المؤاخذة واللوم ، ولو كان العفو عما يقتله في الإسلام لما أوجب عليه الجزاء .
وأيضا : فإن
nindex.php?page=treesubj&link=25519_3444قتل الصيد خطيئة عظيمة ، ومثل هذه لا يقع العفو عنها عموما ؛ فإن العفو عنها عموما يقتضي أن لا تكون ذنبا . ألا ترى أن السيئات لما كفرهن الله كان ذلك مشروطا باجتناب الكبائر ، فإن العفو عن الشيء والنهي عنه لا يجتمعان . ووجوب الجزاء بقتل الصيد متعمدا لا يقتضي رفع المآثم ، بل هو فاسق بذلك إلا أن يتوب .
وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=95ومن عاد فينتقم الله منه ) يوجب
nindex.php?page=treesubj&link=3444_30532توعد قاتل الصيد بالانتقام منه وذلك لا يمنع وجوب الجزاء عليه كما قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=93ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم ) ولم يمنع ذلك وجوب الدية والقود . وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=38والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما ) وقوله - في المحاربين - : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=33ذلك لهم خزي )
[ ص: 390 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=33في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم ) ولم يمنع ذلك وجوب رد المسروق إن كان باقيا وقيمته إن كان تالفا ، وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=2الزانية والزاني فاجلدوا ) لم يمنع ذلك وجوب رجم ، ونفي .
وهذا كثير : قد يذكر الله وعيد الذنوب في موضع ، ويذكر جزاءها في الدنيا في موضع آخر ، ثم يقال : من جملة الانتقام وجوب الجزاء عليه كما قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=95ليذوق وبال أمره ) فيكون قد عفا عما سلف قبل نزول الآية فلا عقاب فيه ولا جزاء ، ومن عاد بعدها فينتقم الله منه بالعقوبة والجزاء .
الْفَصْلُ الثَّانِي
أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=3444_3821_3771الصَّيْدَ تَتَعَدَّدُ كَفَّارَتُهُ بِتَعَدُّدِ قَتْلِهِ ، فَكُلَّمَا قَتَلَ فَعَلَيْهِ جَزَاؤُهُ ، سَوَاءٌ جَزَى الْأَوَّلَ ، أَوْ لَمْ يَجْزِ . هَذَا أَشْهَرُ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ
أَبِي عَبْدِ اللَّهِ رَوَاهَا
ابْنُ الْقَاسِمِ وَسِنْدِيٌّ وَحَنْبَلٌ فِي مَوْضِعٍ .
قَالَ - فِي رِوَايَةِ
ابْنِ الْقَاسِمِ - : وَإِذَا قَتَلَ الْمُحْرِمُ الصَّيْدَ فَحُكِمَ عَلَيْهِ ، ثُمَّ عَادَ فَقَتَلَ فَإِنَّهُ يُحْكَمُ عَلَيْهِ كَمَا عَادَ . وَالَّذِينَ قَالُوا : إِنْ عَادَ لَمْ يُحْكَمْ عَلَيْهِ :
[ ص: 385 ] إِنَّمَا ذَهَبُوا إِلَى التَّأْوِيلِ فِيهِ . وَالْأَمْرُ عَلَى الْحُكْمِ الْأَوَّلِ عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ .
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَغَيْرِهِ : أَنَّهُمْ حَكَمُوا فِي الْخَطَأِ وَفِيمَنْ قَتَلَ ، وَلَمْ يَسْأَلُوهُ هَلْ كَانَ قَتَلَ قَبْلَ هَذَا أَمْ لَا ؟ وَإِنَّمَا وَجَبَ عَلَيْهِ لِتَعْظِيمِ الْإِحْرَامِ مَكَانَةً ، وَالْكَفَّارَةُ تَجِبُ عَلَى
nindex.php?page=treesubj&link=3444_3447_3771الْمُحْرِمِ إِذَا قَتَلَ الصَّيْدَ عَمْدًا ، أَوْ خَطَأً فِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا ، وَقَدْ رَوِيَ عَنْ عُمَرَ وَغَيْرِهِ أَنَّهُمْ حَكَمُوا فِي الْخَطَأِ .
وَرَوَى
حَنْبَلٌ عَنْهُ : أَنَّهُ إِذَا لَمْ يُكَفِّرْ عَنِ الْأَوَّلِ فَكَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ كَسَائِرِ الْمَحْظُورَاتِ . وَهَذَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فِيمَا جَزَاؤُهُ وَاحِدٌ ، فَأَمَّا إِذَا اخْتَلَفَ الْجَزَاءُ هَكَذَا ذَكَرَهَا الْقَاضِي وَغَيْرُهُ فِي مَوْضِعٍ . وَلَفْظُهُمَا فِي مَوْضِعٍ آخَرَ : لَا جَزَاءَ عَلَيْهِ يَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ . وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يُكَفِّرُ عَنِ الصَّيْدِ إِلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً ، فَإِنْ قَتَلَهُ ثَانِيًا لَمْ يُحْكَمْ عَلَيْهِ سَوَاءٌ كَفَّرَ عَنِ الْأَوَّلِ ، أَوْ لَمْ يُكَفِّرْ . وَهُوَ الصَّوَابُ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ .
وَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ يَجْعَلُهَا عَلَى ثَلَاثِ رِوَايَاتٍ .وَهَذَا إِنَّمَا يَكُونُ فِي الْعَمْدِ .
[ ص: 386 ] فَأَمَّا الْخَطَأُ .. . .
وَهَلْ يُفَرِّقُ بَيْنَ إِحْرَامٍ ، أَوْ إِحْرَامَيْنِ ؛ لِأَنَّ اللَّهَ قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=95فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ ) إِلَى قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=95لِيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ ) فَتَوَعَّدَ الْعَائِدَ إِلَى قَتْلِهِ بِالِانْتِقَامِ وَلَمْ يَذْكُرْ شَيْئًا آخَرَ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْبَادِئِ ، بَلْ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا ؛ فَجَعَلَ عَلَى الْبَادِئِ الْجَزَاءَ ، وَعَلَى الْعَائِدِ الِانْتِقَامَ .
وَلِأَنَّهُ جَعَلَ الْجَزَاءَ لِيَذُوقَ الْقَاتِلُ وَبَالَ أَمْرِهِ بِقَتْلِ الصَّيْدِ ، وَذَلِكَ بِإِخْرَاجِ الْجَزَاءِ ، ثُمَّ جَعَلَ الْعَائِدَ يَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ ، وَإِنَّمَا ذَاكَ بِعَذَابٍ يُنْزِلُهُ اللَّهُ بِهِ لَا يَكُونُ لَهُ فِيهِ فِعْلٌ وَالْجَزَاءُ هُوَ يُخْرِجُهُ .
وَأَيْضًا : فَإِنَّهُ جَعَلَ الطَّعَامَ كَفَّارَةً لِلْقَتْلِ ، وَمَنْ يَنْتَقِمُ مِنْهُ لَمْ يُكَفِّرْ ذَنْبَهُ ، وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ مَا رَوَى
عِكْرِمَةُ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : " إِذَا
nindex.php?page=treesubj&link=3444_30532أَصَابَ الْمُحْرِمُ الصَّيْدَ ، ثُمَّ عَادَ قِيلَ لَهُ : اذْهَبْ فَيَنْتَقِمَ اللَّهُ مِنْكَ " رَوَاهُ
النَّجَّادُ .
[ ص: 387 ] وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12514ابْنُ أَبِي عَرُوبَةَ - فِي الْمَنَاسِكِ - عَنْ
قَتَادَةَ : " إِنْ أَصَابَ الصَّيْدَ مِرَارًا خَطَأً حُكِمَ عَلَيْهِ ، وَإِنْ أَصَابَهُ مُتَعَمِّدًا حُكِمَ عَلَيْهِ مَرَّةً وَاحِدَةً ، وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ ، قَالَ : ذُكِرَ لَنَا أَنَّ رَجُلًا عَادَ فِي عَمْدٍ ، فَبَعَثَ اللَّهُ عَلَيْهِ نَارًا فَأَكَلَتْهُ " .
وَأَيْضًا : فَإِنَّهُ إِذَا تَكَرَّرَ مِنْهُ الْقَتْلُ : فَقَدْ تَغَلَّظَ الذَّنْبُ وَلَحِقَ بِالْكَبَائِرِ الْغَلِيظَةِ وَتِلْكَ لَا كَفَّارَةَ فِيهَا كَقَتْلِ الْعَمْدِ وَالزِّنَا ، وَالْيَمِينِ الْغَمُوسِ ، وَنَحْوِ ذَلِكَ بِخِلَافِ أَوَّلِ مَرَّةٍ فَإِنَّهُ قَدْ يُعْذَرُ .
وَوَجْهُ الْأَوَّلِ : أَنَّ اللَّهَ قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=95لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ ) وَهَذَا نَهْيٌ عَنْ قَتْلِهِ فِي كُلِّ مَرَّةٍ ؛ ثُمَّ قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=95وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا ) وَهَذَا يَعُمُّ جَمِيعَ الصَّيْدِ ، وَجَمِيعَ الْقَتْلَاتِ عَلَى سَبِيلِ الْجَمْعِ وَالْبَدَلِ ، كَمَا يَعُمُّ جَمِيعَ الْقَاتِلِينَ ، كَمَا عَمَّ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=92وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ ) . وَيُوجِبُ أَيْضًا تَكَرُّرَ الْجَزَاءِ بِتَكَرُّرِ شَرْطِهِ كَمَا فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=196فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ ) وَكَمَا فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=6إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا ) هَذَا هُوَ الْمَعْهُودُ فِي خِطَابِ الشَّرْعِ . وَإِنْ لَمْ يُحْمَلْ خِطَابُ النَّاسِ عَلَى ذَلِكَ . عَلَى أَنَّ
[ ص: 388 ] الشَّرْطَ فِي خِطَابِ النَّاسِ إِذَا تَعَلَّقَ بِمَحَلٍّ وَاحِدٍ لَمْ يَتَكَرَّرْ بِتَكَرُّرِهِ فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ ، كَقَوْلِهِ : مَنْ دَخَلَ دَارِي فَلَهُ دِرْهَمٌ ، وَإِنْ تَعَلَّقَ بِمَحَالٍّ : تَكَرَّرَ بِتَكَرُّرٍ ، فِي تِلْكَ الْمَحَالِّ كَمَا لَوْ قَالَ : مَنْ دَخَلَ دُورِي فَلَهُ بِكُلِّ دُخُولٍ دِرْهَمٌ . وَهُنَا مَحَلُّ الْقَتْلِ هُوَ الصَّيْدُ وَهُوَ مُتَعَدِّدٌ .
وَأَيْضًا : فَإِنَّهُ
nindex.php?page=treesubj&link=3794_17160أَوْجَبَ فِي الْمَقْتُولِ مِثْلَهُ مِنَ النَّعَمِ ، وَذَلِكَ يَقْتَضِي أَنَّهُ إِذَا قَتَلَ كَثِيرًا وَجَبَ كَثِيرٌ مِنَ النَّعَمِ .
وَأَيْضًا : فَإِنَّ جَزَاءَ الصَّيْدِ بَدَلُ مُتْلَفٍ مُتَعَدِّدٌ بِتَعَدُّدِ مُبْدَلِهِ كَدِيَةِ الْآدَمِيِّ وَكَفَّارَتِهِ .
وَأَيْضًا : فَإِنَّ الْجَزَاءَ شُرِعَ جَابِرًا لِمَا فَوَّتَ ، وَمَاحِيًا لِمَا ارْتَكَبَ ، وَزَاجِرًا عَنِ الذَّنْبِ . وَهَذَا يُوجِبُ تَكَرُّرَهُ بِتَكَرُّرِ سَبَبِهِ كَسَائِرِ الْمُكَفِّرَاتِ مِنَ الظِّهَارِ ، وَالْقَتْلِ ، وَالْأَيْمَانِ ، وَمَحْظُورَاتِ الْإِحْرَامِ ، وَغَيْرِ ذَلِكَ .
وَأَمَّا الْآيَةُ : فَقَدْ قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=95فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ ) وَهَذَا كَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=23وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ ) .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=95عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ ) - فِي الْجَاهِلِيَّةِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=95وَمَنْ عَادَ ) فِي الْإِسْلَامِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=95فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ ) وَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=22وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ ) . وَيُوَضِّحُ ذَلِكَ : أَنَّ قَوْلَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=95عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ )
[ ص: 389 ] إِخْبَارٌ عَنْ عَفْوِهِ عَمَّا مَضَى حِينَ نُزُولِ الْآيَةِ قَبْلَ أَنْ يَقْتُلَ أَحَدٌ صَيْدًا يُحْكَمُ عَلَيْهِ فِيهِ ، وَمَا ذَاكَ إِلَّا مَا قَتَلُوهُ قَبْلَ الْآيَةِ .
وَأَيْضًا : فَإِنَّ الْعَفْوَ يَقْتَضِي عَدَمَ الْمُؤَاخَذَةِ وَاللَّوْمِ ، وَلَوْ كَانَ الْعَفْوُ عَمَّا يَقْتُلُهُ فِي الْإِسْلَامِ لَمَا أَوْجَبَ عَلَيْهِ الْجَزَاءَ .
وَأَيْضًا : فَإِنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=25519_3444قَتْلَ الصَّيْدِ خَطِيئَةٌ عَظِيمَةٌ ، وَمِثْلُ هَذِهِ لَا يَقَعُ الْعَفْوُ عَنْهَا عُمُومًا ؛ فَإِنَّ الْعَفْوَ عَنْهَا عُمُومًا يَقْتَضِي أَنْ لَا تَكُونَ ذَنْبًا . أَلَا تَرَى أَنَّ السَّيِّئَاتِ لَمَّا كَفَّرَهُنَّ اللَّهُ كَانَ ذَلِكَ مَشْرُوطًا بِاجْتِنَابِ الْكَبَائِرِ ، فَإِنَّ الْعَفْوَ عَنِ الشَّيْءِ وَالنَّهْيَ عَنْهُ لَا يَجْتَمِعَانِ . وَوُجُوبُ الْجَزَاءِ بِقَتْلِ الصَّيْدِ مُتَعَمِّدًا لَا يَقْتَضِي رَفْعَ الْمَآثِمِ ، بَلْ هُوَ فَاسِقٌ بِذَلِكَ إِلَّا أَنْ يَتُوبَ .
وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=95وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ ) يُوجِبُ
nindex.php?page=treesubj&link=3444_30532تَوَعُّدَ قَاتِلِ الصَّيْدِ بِالِانْتِقَامِ مِنْهُ وَذَلِكَ لَا يَمْنَعُ وُجُوبَ الْجَزَاءِ عَلَيْهِ كَمَا قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=93وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ ) وَلَمْ يَمْنَعْ ذَلِكَ وُجُوبَ الدِّيَةِ وَالْقَوَدِ . وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=38وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا ) وَقَوْلُهُ - فِي الْمُحَارِبِينَ - : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=33ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ )
[ ص: 390 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=33فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ ) وَلَمْ يَمْنَعْ ذَلِكَ وُجُوبَ رَدِّ الْمَسْرُوقِ إِنْ كَانَ بَاقِيًا وَقِيمَتِهِ إِنْ كَانَ تَالِفًا ، وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=2الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا ) لَمْ يَمْنَعْ ذَلِكَ وُجُوبَ رَجْمٍ ، وَنَفْيٍ .
وَهَذَا كَثِيرٌ : قَدْ يَذْكُرُ اللَّهُ وَعِيدَ الذُّنُوبِ فِي مَوْضِعٍ ، وَيَذْكُرُ جَزَاءَهَا فِي الدُّنْيَا فِي مَوْضِعٍ آخَرَ ، ثُمَّ يُقَالُ : مِنْ جُمْلَةِ الِانْتِقَامِ وُجُوبُ الْجَزَاءِ عَلَيْهِ كَمَا قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=95لِيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ ) فَيَكُونُ قَدْ عَفَا عَمَّا سَلَفَ قَبْلَ نُزُولِ الْآيَةِ فَلَا عِقَابَ فِيهِ وَلَا جَزَاءَ ، وَمَنْ عَادَ بَعْدَهَا فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ بِالْعُقُوبَةِ وَالْجَزَاءِ .