[ باب دخول مكة    ] 
مسألة : ( يستحب أن يدخل مكة  من أعلاها ) . 
هذا على ظاهر قول أصحابنا مستحب لكل من أراد الدخول إلى مكة  سواء أتاها من ناحية التنعيم  ، أو من غيرها . 
وجملة ذلك : أنه يستحب دخول مكة  من أعلاها والخروج من أسفلها  ؛   [ ص: 409 ] وذلك لما روى  ابن عمر  قال : ( كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدخل من الثنية العليا  التي بالبطحاء  ، ويخرج من الثنية السفلى    ) رواه الجماعة إلا  الترمذي  ، وفي رواية  للبخاري    : ( أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دخل مكة  من كداء  من الثنية العليا  التي عند البطحاء  ، وخرج من الثنية السفلى    ) . 
وهذا أشار إلى تكرار دخوله من ذلك الموضع . 
وعن  عائشة    : ( أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما جاء مكة    - دخل من أعلاها وخرج من أسفلها   ) ، وفي لفظ : ( دخل عام الفتح من كداء التي بأعلى مكة    ) . متفق عليه . 
 [ ص: 410 ]  ولأبي داود    : ( دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : عام الفتح من كداء  من أعلى مكة  ، ودخل في العمرة من كدى    ) . 
وفي رواية  للبخاري    : ( أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دخل عام الفتح من كداء  ، وخرج من كدى  من أعلى مكة    ) . وكذلك روى  البخاري  ، عن  عروة بن الزبير  قال : ( وأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يومئذ - يعني يوم الفتح - خالد بن الوليد  أن يدخل من أعلى مكة  من كداء  ، ودخل النبي - صلى الله عليه وسلم - من كدى    ) . 
ويشبه أن يكون ذلك - والله أعلم - لأن الثنية العليا  التي تشرف على الأبطح  والمقابر إذا دخل منها الإنسان : فإنه يأتي من وجه البلد والكعبة  ويستقبلها استقبالا من غير انحراف ، بخلاف الذي يدخل من الناحية السفلى ، فانه يدخل من دبر البلد والكعبة  ، وإنما يخرج من الثنية السفلى  ؛ لأنه يستدبر الكعبة  والبلد فاستحب أن يكون ما يليه منها مؤخرها ؛ لئلا يستدبر وجهها ، وليكون قد دخل من طريق ، وخرج من أخرى كالذاهب إلى العيد . 
 [ ص: 411 ] وفي خروجه - صلى الله عليه وسلم - عام الفتح من دبرها ، مع أنه كان يريد حنينا  والطائف    : دليل على أن الإنسان يتعمد ذلك وإن لم يكن وجه قصده . 
				
						
						
