( فصل ) 
وأما كون الطواف بالصفا  والمروة  سبعا  وأن يحسب بالذهاب مرة وبالعود مرة ، فيفتتح بالصفا  ويختم به ; فيكون وقوفه على الصفا  أربع مرات ، وعلى المروة  أربعا فهي سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المنقولة نقلا عاما مستفيضا ، كما تقدم أنه طاف سبعا ختم بالمروة  ، وعليها كان التقصير والإحلال ، وعندها أمر أصحابه بالإحلال من إحرامهم . 
وأما صفة السعي بين الصفا  والمروة   ، ففي حديث جابر  عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : " ثم نزل - يعني - من الصفا  حتى إذا انصبت قدماه في بطن الوادي رمل حتى إذا صعدنا مشى حتى أتى المروة  ففعل على المروة  كما فعل على الصفا  ، حتى إذا كان آخر طواف على المروة    " . رواه مسلم  وغيره . 
وفي رواية  للنسائي    : " ثم نزل ماشيا حتى تصوبت قدماه في المسيل ، فسعى حتى صعدت قدماه ثم مشى حتى أتى المروة  فصعد فيها ، ثم بدا له البيت   " . 
وتقدم حديث  ابن عمر    : " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا طاف بالبيت الطواف الأول خب ثلاثا ومشى أربعا ، وكان يسعى ببطن المسيل  إذا طاف بين الصفا  والمروة    " . متفق عليه ، ولفظ  البخاري    : " بطن المسيل " . 
وعن علي    " أنه رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - يسعى بين الصفا  والمروة  في المسعى كاشفا عن ثوبه قد بلغ إلى ركبتيه   " رواه أحمد    . 
 [ ص: 464 ] وعن  صفية بنت شيبة    ... وذكر أصحابنا القاضي ومن بعده : أنه يسعى ببطن المسيل  سعيا شديدا  ، ولفظ أحمد    : وامش حتى تأتي العلم الذي في بطن الوادي فارمل من العلم إلى العلم ، وكذلك قال  الأثرم    : يسعى بين الميلين الأخضرين أشد من الرمل قليلا ، ويقول في رمله : رب اغفر وارحم إنك أنت الأعز الأكرم . 
وقد حدد الناس بطن الوادي الذي كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يسعى فيه بأن نصبوا في أوله وآخره أعلاما ، وتسمى أميالا ، ويسمى واحدها : الميل الأخضر ; لأنهم ربما لطخوه بلون خضرة ليتميز لونه للساعي ، وربما لطخوه بحمرة . 
فأول المسعى حد الميل المعلق بركن المسجد ، هكذا ذكر كثير من المصنفين ، وآخره الميلان المتقابلان ; أحدهما : بفناء المسجد بحيال دار العباس ، هكذا في كثير من الكتب المصنفة ; لأنه كذلك في ذلك الوقت . 
 [ ص: 465 ] واليوم : هي أربعة أميال ; ميلان متقابلان أحمران ، أو أخضران عليهما كتابة ، ثم ميلان أخضران ، والدار المذكورة هي اليوم خربة ; لكن الأعلام ظاهرة معلقة لا يدرس علمها . 
وقد ذكر القاضي وأبو الخطاب  وجماعة من أصحابنا : أن أول المسعى من ناحية الصفا   قبل أن يصل إلى الميل بنحو من ستة أذرع ، وآخره محاذاة الميلين الآخرين ، ولفظ أحمد    : ارمل من العلم إلى العلم كما ذكره الشيخ ، وهكذا ذكر ... . 
				
						
						
