( فصل ) 
ولا يفيض الإمام من جمع حتى يسفر النهار  ، فيفيض قبل طلوع الشمس ، قال جابر  في حديثه الطويل :   " فلم يزل واقفا حتى أسفر جدا ، ثم دفع قبل أن تطلع الشمس "   . 
وعن  عمر بن الخطاب  قال : " كان أهل الجاهلية لا يفيضون من جمع حتى تطلع الشمس ، ويقولون : أشرق ثبير ، قال : فخالفهم النبي - صلى الله عليه وسلم - فأفاض قبل طلوع الشمس   " . رواه الجماعة إلا مسلما  ، وقال في رواية أحمد  ،  وابن   [ ص: 523 ] ماجه    - : " كيما نغير " . 
وعن  ابن عباس  أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " وقف بجمع فلما أضاء كل شيء قبل أن تطلع الشمس أفاض "   . رواه أحمد    . 
وقد تقدم في حديث  عبد الله بن مسعود    : أنه وقف حتى أسفر ، ثم قال : " إن أمير المؤمنين أفاض الآن أصاب السنة "   . رواه  البخاري    . 
ولا ينبغي لأحد أن يدع الوقوف غداة جمع ، ويتعجل بليل إلا لعذر    ; قال حنبل    : قال عمي : من لم يقف غداة المزدلفة  ، ليس عليه شيء ; لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - : " قدم الضعفة " ولا ينبغي له أن يفعل إلا أن يكون معه ضعفة ، أو غلبة وعليه أن يبيت ليلة المزدلفة  ، فإن لم يبت فعليه دم    . 
والمعذور يذكر الله عند المشعر الحرام بليل ; وذلك لما روى سالم    :   " أن  عبد الله بن عمر  كان يقدم ضعفة أهله ، فيقفون عند المشعر الحرام  بالمزدلفة  بليل ، فيذكرون الله ما بدا لهم ، ثم يدفعون قبل أن يقف الإمام ، وقبل أن يدفع ; فمنهم من يقدم منى لصلاة الفجر ، ومنهم من يقدم بعد ذلك ، فإذا قدموا رموا الجمرة ، وكان  ابن عمر  يقول : " أرخص في أولئك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "   . متفق عليه ، ولفظه  لمسلم    . 
 [ ص: 524 ] وعن  ابن عمر  أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " أرخص لضعفة الناس من المزدلفة  بليل "   . رواه أحمد    . 
وعن عبد الله مولى أسماء ابنة أبي بكر  عن  أسماء    : " أنها نزلت ليلة جمع عند المزدلفة  فقامت تصلي ، فصلت ساعة ، ثم قالت : يا بني غاب القمر ؟ قلت : لا ، فصلت ساعة ، ثم قالت : هل غاب القمر ؟ قلت : نعم ، قالت : فارتحلوا فارتحلنا ، فمضينا حتى رمت الجمرة ، ثم رجعت فصلت الصبح في منزلها ، فقلت : يا هنتاه ما أرانا إلا قد غلسنا ؟ قالت : يا بني إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أذن للظعن "   . متفق عليه . 
وعن  أم حبيبة    " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - : بعث بها من جمع بليل   " . رواه أحمد  ،  ومسلم   والنسائي    . 
 [ ص: 525 ] وعن  ابن عباس  قال : " أنا ممن قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - ليلة المزدلفة  في ضعفة أهله "   . رواه الجماعة إلا  الترمذي    . 
وعن الفضل بن عباس  قال : " أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ضعفة بني هاشم  أن يتعجلوا من جمع بليل   " . رواه أحمد   والنسائي    . 
فهذا .. الترخيص دليل على أن غيرهم ليسوا ... لما أذن لضعفة الناس ، وأذن للظعن ، وأرخص في أولئك يقتضي قصر الإذن عليهم ، وأن غيرهم لم يؤذن له ، وكذلك تقديمه - صلى الله عليه وسلم - ضعفة أهله ، وإبقاؤه سائر الناس معه دليل على أن حكمهم بخلاف ذلك . 
والضعفة : من يخاف من تأذيه بزحمة الناس عند الوقوف والمسير ورمي الجمرة ، وهم : النساء والصبيان ، والمرضى ونحوهم ، ومن يقوم بهؤلاء . 
				
						
						
