فصل :
في روى خصال الفطرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أبو هريرة ) رواه الجماعة . خمس من الفطرة: الاستحداد والختان وقص الشارب ونتف الإبط وتقليم الأظفار
[ ص: 234 ] وعن قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( عائشة ) رواه عشر من الفطرة قص الشارب وإعفاء اللحية والسواك واستنشاق الماء وقص الأظفار وغسل البراجم ونتف الإبط وحلق العانة وانتفاض الماء يعني الاستنجاء ، قال مصعب : ونسيت العاشرة إلا أن تكون المضمضة أحمد ومسلم والترمذي ، قال والنسائي : وقد روي عن أبو داود نحو حديث ابن عباس قال : ( عائشة ) وجميع هذه الخصال مقصودها النظافة والطهارة وإزالة ما يجمع الوسخ والدرن من الشعور والأظفار والجلد . خمس كلها في الرأس وذكر منها الفرق
وأما فقال قص الشارب، : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( زيد بن أرقم ) رواه من لم يأخذ شاربه فليس منا أحمد والنسائي وقال: حديث حسن صحيح . والترمذي
وعن رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أبي هريرة ) رواه جزوا الشوارب وأرخوا اللحى خالفوا المجوس أحمد . ومسلم
[ ص: 235 ] وعن عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( ابن عمر ) متفق عليه ، وفي رواية خالفوا المشركين وفروا اللحى وأحفوا الشوارب : " البخاري إذا حج أو اعتمر قبض على لحيته فما فضل أخذه ابن عمر " ، وتحصل السنة بقبضة حتى يبدو الإطار وهو طرف الشفة ، وكلما أخذ فوق ذلك فهو أفضل، نص عليه ، ولا يستحب حلقه؛ لأن في لفظ كان عن البخاري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( ابن عمر ) . انهكوا الشوارب وأعفوا اللحى
قال " وكان البخاري يحفي شاربه حتى ينظر إلى موضع الحلق " وروى ابن عمر حرب في مسائله عن عبد الله بن رافع قال : رأيت أبا سعيد الخدري وسلمة بن الأكوع وجابر بن عبد الله وابن عمر وأبا أسيد [ ص: 236 ] يجزون شواربهم أخا الحلق ، وأما فإنه يترك ولو أخذ ما زاد على القبضة لم يكره، نص عليه كما تقدم عن إعفاء اللحية وكذلك أخذ ما تطاير منها . ابن عمر،
وقد روى عن أبيه، عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم ( عمرو بن شعيب، ) رواه كان يأخذ من لحيته من عرضها وطولها ، وقال: حديث غريب ، فأما حلقها فمثل حلق المرأة رأسها وأشد؛ لأنه من المثلة المنهي عنها وهي محرمة ، ويكره الترمذي ونحوه؛ لما روى نتف الشيب وإزالته بمنقاش عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم: ( عمرو بن شعيب ) رواه الخمسة، وفي رواية نهى عن نتف الشيب لأحمد : ( وأبي داود ) . لا تنتفوا الشيب [ ص: 237 ] فإنه نور المسلم ، ما من مسلم يشيب شيبة في الإسلام إلا كتب الله له بها حسنة ورفعه بها درجة وحط عنه بها خطيئة
فأما فسنة مستحبة؛ لما روى خضابه بالحمرة والصفرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أبو هريرة اليهود والنصارى لا يصبغون فخالفوهم ) رواه الجماعة . إن
قال : عثمان بن عبد الله بن موهب " فأخرجت إلينا من شعر النبي صلى الله عليه وسلم فإذا هو مخضوب " أم سلمة رواه دخلنا على أحمد والبخاري بالحناء والكتم ، وابن ماجه عن وللبخاري ابن موهب أرته شعر النبي صلى الله عليه وسلم أحمر أم سلمة ، وعن أن قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أبي ذر ) رواه الخمسة ، وقال إن أحسن ما غيرتم به هذا الشيب الحناء والكتم : حديث حسن صحيح . الترمذي
[ ص: 238 ] وعن نافع، عن أن النبي صلى الله عليه وسلم ( ابن عمر يفعل ذلك ابن عمر ) رواه كان يصفر لحيته بالورس والزعفران، وكان أبو داود ، ويكره والنسائي لما روى الخضاب بالسواد؛ قال : جابر بن عبد الله بأبي قحافة يوم الفتح إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وكأن رأسه ثغامة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( اذهبوا به إلى بعض نسائه فليغيره بشيء وجنبوه السواد ) رواه الجماعة إلا جيء البخاري ولأن التسويد يشبه تكون الخلقة وذلك تزوير وتغيير لخلق الله ، فيكره كما كره والترمذي؛ . وصل الشعر والنمص والتفلج
وأما ولو قصه أو نتفه أو تنور جاز، والحلق أفضل، والأفضل في الإبط أن ينتفه ولو حلقه أو قصه أو نوره جاز أيضا ، ولو نور غير ذلك من شعر الساقين والفخذين جاز أيضا ، نص عليه ، لما روت الاستحداد فهو استعمال الحديد في إزالة شعر العانة أم سلمة ، رواه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا اطلى بدأ [ ص: 239 ] بعورته فطلاها بالنورة وسائر جسده أهله وفيه مقال لكن لا ينور عورته إلا هو أو من يحل له مسها من زوجة أو أمة . ابن ماجه
قال أبو العباس النسائي : " ضربت لأبي عبد الله نورة ونورته بها فلما بلغ إلى عانته نورها هو " وقال نافع : " كنت أطلي فإذا بلغ عورته نورها هو بيده " رواه ابن عمر الخلال، وترك التنور أفضل، قال : " هو مما أحدثوا من النعيم " وأما ابن عمر فمن السنة لإزالة فحشها ودفع ما يجتمع تحتها من وسخ الأرفاغ ونحوها، وقد ذكر قص الأظفار عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( إسحاق بن راهويه ) إلا أنه ينبغي الاقتصاد في قصها وألا يحيف ، نص عليه ، واحتج بحديث ذكره عن ما لي لا أهم ورفغ أحدكم بين ظفره وأنملته الحكم بن عمير قال : ( أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا نحفي من الأظفار في الجهاد ) وقال عمر : " وفروا الأظفار في أرض [ ص: 240 ] العدو فإنه سلاح " قال أحمد : هو يحتاج إليها في أرض العدو ، ألا ترى أنه إذا أراد الرجل أن يحل الحبل أو الشيء ولم يكن له أظفار لم يستطع ، وروى عبيد الله بن بطة بإسناده عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( من قص أظفاره مخالفا لم ير في عينيه رمدا ) وفسر ذلك بأن أبو عبد الله بن بطة ويقص اليسرى الإبهام ثم الوسطى ثم الخنصر ثم السباحة ثم البنصر ، وذكر أن يقص الخنصر من اليمنى ثم الوسطى ثم الإبهام ثم البنصر ثم السباحة عمر بن رجاء فسره كذلك ، وجاء فيه لون آخر ذكره القاضي أبو يعلى عن وكيع أنه روي عن قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( عائشة يا إذا أنت قلمت أظفارك فابدئي بالوسطى ثم الخنصر ثم الإبهام ثم البنصر ثم السبابة ، فإن ذلك يورث الغنى عائشة ) هذه الصفة لا تخالف الأولى إلا في الابتداء بالوسطى قبل الخنصر، ومبنى ذلك على الابتداء بالأيمن فالأيمن من كل يد مع المخالفة ، ويستحب غسل رءوس الأنامل بعد قص الأظفار لإزالة ما عليها من الوسخ؛ ولأنه يقال: إن حك الجسد بها قبل الغسل يضره .
[ ص: 241 ] وفي حديث الفطرة: ، غسل البراجم والرواجب ما بينها، ومعناه غسل المواضع التي تتسخ ويجتمع فيها الوسخ ، ويستحب أن يأخذ الظفر في كل أسبوع؛ لما روى والبراجم العقد التي في ظهور الأصابع أن النبي صلى الله عليه وسلم : " عبد الله بن عمر كان يأخذ أظفاره وشاربه في كل جمعة " وإن تركه أكثر من ذلك فلا بأس ما لم يجاوز أربعين يوما؛ لما روى قال : " أنس " رواه الجماعة إلا وقت لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في قص الشارب وتقليم الأظفار ونتف الإبط وحلق العانة ألا نترك أكثر من أربعين ليلة . البخاري
ويستحب فيما ذكره القاضي أن يكون يوم الجمعة؛ لما روى بإسناده عن ابن بطة حميد بن عبد الرحمن، عن أبيه قال : " من قص أظفاره يوم الجمعة أدخل في شفاء وأخرج منه داء " وقال يزيد بن مروان في [ ص: 242 ] حديث له: من قلم أظفاره يوم الجمعة لم يمت بالماء الأصفر " وبإسناده عن نافع عن " أنه كان يقلم أظفاره ويقص شاربه كل جمعة " وذكر غيره يوم الخميس؛ لما روي أن ابن عمر عليا قال: رأيت ، ثم قال : ( رسول الله صلى الله عليه وسلم يقلم أظفاره يوم الخميس يا علي، قص الظفر ونتف الإبط وحلق العانة يوم الخميس، والغسل واللباس والطيب يوم الجمعة ) .
وعن قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أنس بن مالك يصبح المؤمن يوم الجمعة وهو محرم فإذا صلى حل فإذا مكث في الجامع حتى يصلي العصر مع إمامه كان كمن أتى بحجة وعمرة، فقيل: يا رسول الله متى نتأهب للجمعة؟ قال: يوم الخميس ) رواه ، وأخرجه أيضا من حديث الحاكم ابن عباس وابن عمر ويستحب وسهل بن سعد، نص عليه وحكاه عن دفن ما أزال من شعره وظفره، . ابن عمر
[ ص: 243 ] لما ميل بنت مشرح الأشعري أنها رأت أباها مشرحا " يقلم أظفاره ثم يجمعها ويدفنها ويخبر أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك " رواه روت في تاريخه، البخاري والخلال وابن بطة ، وروى حرب بإسناده عن عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( قبيصة بن ذؤيب ادفنوا شعوركم وأظفاركم ودماءكم لا تلعب بها سحرة بني آدم ) وعن : " أنها قلمت أظفارها فدفنتها " وعن عائشة " أنه حلق رأسه فأمر بدفن شعره " وروى ابن عمر عن رجل من ابن بطة بني هاشم قال : ( أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بدفن الدم والشعر ) .
وأما الختان فواجب على الرجال في المنصوص المعروف من الذهب؛ لأن الله سبحانه أمرنا باتباع ملة إبراهيم عليه السلام، والختان من ملته لما [ ص: 244 ] روى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( أبو هريرة إبراهيم خليل الرحمن بعد ما أتت عليه ثمانون سنة واختتن بالقدوم ) متفق عليه ، فإن قيل: ضمن ملته سائر خصال الفطرة وهي غير واجبة لا سيما وقد قرن النبي صلى الله عليه وسلم بينه وبينها في نسق واحد، قلنا: إزالة الشعور والأظفار القصد بها إزالة ما يجتمع بسببها من العرق والوسخ والدرن، وإزالة الأوساخ ليست واجبة وكذلك ما قصدت به . اختتن
وأما قلفة الذكر فالمقصود بقطعها التطهير من النجاسة التي تحتقن فيها ، ونجاسة البول تجب إزالتها وعامة عذاب القبر منها ، فلذلك وجب إزالة ما يوجب احتقانها واجتماعها ، يؤيد ذلك أن المقطوع هنا من أصل الخلقة، وكذلك يحشر الخلق يوم القيامة غرلا ، فلولا أن إزالتها من الواجبات لما تكلف قطعه بخلاف الشعر والظفر؛ ولأن البول المحتقن في القلفة نجاسة شرع زوالها، فكان واجبا كسائر النجاسات .
وكذلك قال : " الأقلف لا يقبل الله له صلاة ولا تؤكل ذبيحته وتقبل شهادته " وأما المرأة ففيها روايتان ، إحداهما : أن خفضها [ ص: 245 ] واجب كالرجل ، والثانية : لا يجب؛ لأن ترك ختان الرجل مظنة احتقان النجاسة بخلاف المرأة ، وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( ابن عباس الختان سنة للرجل مكرمة للنساء ) رواه أحمد يعني بالسنة الطريقة الشرعية، وإنما يجب إذا غلب على الظن سلامة المختون ، فأما إن خشي عليه لكبر أو مرض فإنه يسقط بل يمنع منه .
وإنما يجب إذا وجبت الطهارة والصلاة؛ لأنه إنما شرع لذلك، والختان قبل ذلك أفضل، وهو قبل التمييز أفضل من بعده في المشهور؛ لأنه قربة وطهرة فتقديمها أحرز؛ لأن فيه تخليصا من مس العورة ونظرها، فإن عورة الصغير لا حكم لها؛ ولذلك يجوز مسها وتقبيلها كما كان النبي صلى الله عليه وسلم ( الختان الحسن ) وقيل: التأخير إلى سن التمييز أولى؛ لما روى يقبل زبيبة قال: سئل سعيد بن جبير، مثل من أنت حين قبض النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال " أنا يومئذ مختون، قال : وكانوا لا يختنون الرجل حتى يدرك " يعني والله أعلم حتى يقارب الإدراك مثل تراهق، وفي رواية ابن عباس لأحمد [ ص: 246 ] " توفي النبي صلى الله عليه وسلم وأنا ابن عشر سنين مختون " .
وعن علي أنه كره أن تختتن الجارية قبل سبع سنين ، ولا يكره بعد سبعة أيام، وقبلها فيه روايتان : إحداهما : يكره لأنه فعل اليهود، فكره التشبه بهم ، والأخرى : لا يكره؛ لأنه لم يثبت فيه نهي ، وقد روي عن أبي جعفر أن فاطمة كانت " تختن ولدها يوم السابع " وروي عن مكحول وغيره " أن إبراهيم ختن ابنه إسماعيل لثلاث عشرة سنة وختن ابنه إسحاق لسبعة أيام " .
وإن أخذ أكثرها جاز ، وأما المرأة فيستحب ألا يجتذ خافضها ، نص عليه ، وحكي عن ويؤخذ في ختان الرجل جلدة الحشفة أنه قال لختانة : " أبقي منه شيئا إذا خفضت " وعن ابن عمر أن رسول الله صلى [ ص: 247 ] الله عليه وسلم ( أم عطية ) رواه أمر ختانة تختن فقال: إذا ختنت فلا تنهكي فإن ذلك أحظى للمرأة وأحب للبعل . أبو داود
وقالت لختانة : " إذا خفضت فأشمي ولا تنهكي فإنه أسرع للزوج وأحظى لها عند زوجها " رواه ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم حرب في مسائله .