مسألة :
وأولى ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم ( ومس ذكر غيره كمس ذكره ) رواه يتوضأ من مس الذكر أحمد وذكر الصغير كذكر الكبير لعموم الحديث ، وذكر الميت كالحي في المنصوص من الوجهين ، وفي الآخر لا ينقض كمس الميتة ، والفرق بينهما أن الشهوة هناك معتبرة بخلاف مس الذكر من الميت " وسواء مسه عمدا أو سهوا لشهوة أو غيرها في المشهور عنه ، وعنه إنما ينقض إذا تعمد مسه سواء ذكر الطهارة أو نسيها بخلاف ما وقعت يده عليه بغير قصد ، لقول والنسائي علي عليه السلام : " إذا لم تتعمده فلا شيء عليك " ذكره الإمام أحمد ، ولأن تعمد مسه مظنة حدوث الشهوة ، وعنه إن تعمد مسه لشهوة نقض وإلا فلا ، كمس النساء ، لأنه حينئذ يكون مظنة خروج الخارج ، والأول هو المذهب لعموم الحديث [ ص: 310 ] من غير تفريق بين الحشفة وسائر القضيب ، لأن اسم الذكر يشمل ذلك ، هذا هو المشهور عنه ، وعنه لا ينقض إلا مس الحشفة لأنه هو مخرج الحدث وبه تتعلق الطهارة الكبرى ، وسواء مسه ببطن يده أو ظهرها من الأصابع إلى الكوع في المشهور عنه ، وعنه إن النقض يختص ببطن الكف لأن اللمس المعهود به ، وعنه ينقض مسه بالذراع جميعه لأن اليد في الوضوء هي اليد في المرفق ، والصحيح الأول لقوله ( ) واليد المطلقة في الشرع تنتهي إلى الكوع كما في آية السرقة والمحاربة والتيمم ، وقوله ( إذا أفضى أحدكم بيده إلى فرجه ) يعم ظهرها وبطنها كما عمها قوله :يغمس يده ، وآية التيمم ، فأما مس الذكر بغير اليد فلا ينقض إلا إذا مسه بفرجه في المشهور من المذهب لأنه أدعى إلى الخروج من مس الذكر وأفحش ، وفيه وجه أنه لا ينقض لأن الحكم في الأصل بعيد . إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يغمس يده
في إحدى الروايتين منها ومن امرأة أخرى ، وفي الأخرى لا ينقض لأن الأحاديث المشهورة " وينتقض الوضوء بمس فرج المرأة " ومفهومها انتفاء ذلك عن غير الذكر . من مس ذكره
والأول أقوى ؛ لأن قوله : مس فرجه يعم النوعين ، وذكر بعض الذكر وحده لا يخالف ؛ لأن الخاص الموافق للعام لا يخصصه بل يؤكده دلالة القدر الموافق منه ويبقى الباقي مدلولا عليه بالعموم فقط ، ومن قال من أصحابنا تخصيصه لحظ في ذلك أن يكون المفهوم مرادا والمفهوم هنا غير مراد لأن تخصيص [ ص: 311 ] الذكر بالذكر لأن الخطاب كان للرجال ولهذا قلنا من مس ذكره وذكر غيره فإن قوله : " ذكره " إنما خصه ؛ لأن الغالب أن الإنسان إنما يمس ذكر نفسه ، وقد روى عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " عمرو بن شعيب " رواه أيما رجل مس فرجه فليتوضأ وأيما امرأة مست فرجها فلتتوضأ أحمد ، وفي روايتان : إحداهما : ينقض ، اختارها جماعة من أصحابنا ؛ لعموم قوله " مس حلقة الدبر " ، ولأنه مخرج الحدث فينقض " كالذكر " والأخرى لا ينقض واختارها بعضهم ، قال من مس فرجه الخلال : " والعمل والأشيع في قوله ، وحجته أنه لا يتوضأ من لأن الحديث المشهور من مس ذكره " " فيكون هو المراد بالفرج في اللفظ الآخر ، كما في قوله تعالى ( مس الدبر والذين هم لفروجهم حافظون ) وقوله سبحانه وتعالى ( ويحفظوا فروجهم ) .
ولا يمكن إلحاقه به لأن مسه ليس هو مظنة لخروج خارج أصلا بخلاف القبل ولا ينقض مس الفرج المقطوع المنفصل في أحد الوجهين وينقض في الآخر لأنه مس ذكره ، والأول أقيس لأنه بالانفصال لم يبق له جرم ولا مظنة لخروج خارج ولا يتعلق به شيء من أحكام الذكر فأشبه ما لو مس يدا [ ص: 312 ] مقطوعة من امرأة ، ولا ينقض وضوء الملموس فرجه ، رواية أحمد ، وقيل فيه رواية أخرى وليس بشيء .
ولا ينتقض الوضوء وما بين الفرجين وغير ذلك ، ولا بمس ما عدا الذكر من الأرفاع والأنثيين سواء كان مأكولة أو محرمة كثيل الجمل وقنب الحمار وغير ذلك ؛ لأنه ليس بمنصوص ولا في معنى المنصوص . بمس فرج البهيمة
وأما فتنبني على أربعة فصول : مس النساء ، ومس الذكر ، ومس المرأة فرجها ، وانتقاض وضوء الملموس وقد تقدم ذكر ذلك فمتى وجد في حقه ما يحمل النقض وعدمه لم ينقضه اسما كيقين الطهارة ومتى وجد في حقه ما ينقض نفيناه بقضائه ، ووجه التقسيم أن اللمس إما أن يكون للفرجين أو لأحدهما أو للامس إما أن يكون هو الخنثى أو غيره أو هو وغيره وذلك الغير إما أن يكون رجلا أو امرأة أو خنثى والتفريع على انتقاض الوضوء في الأصول الأربعة لأن مع القول بعدم الانتقاض لا يبقى تفريع فمتى مس فرجيه هو أو غيره انتقض وضوء اللامس لأنه مس فرجا أصليا ولم ينتقض وضوء الملموس لجواز أن يكون من جنس واحد ، والملموس إنما ينتقض وضوءه إذا مس الرجل المرأة والمرأة الرجل ولو مس أحد الفرجين لم ينقض بجواز أن يكون زائدا إلا أن يمس الرجل ذكره لشهوة ، والمرأة قبلها لشهوة لأن في هاتين الصورتين إن كان الملموس أصليا نقض وإن كان زائدا فقد وجد لمس لشهوة من غير الجنس ولا ينتقض وضوء الملموس لعدم اليقين فإن الخنثى انتقض وضوءه هنا لتيقن أنه ملموس لشهوة من غير جنسه ولو كان مس أحدهما انتقض لشهوة وضوءه فقط دون الخنثى " واللامس الأول " فإن مسهما لغير شهوة [ ص: 313 ] لم ينتقض وضوء الخنثى وينتقض وضوء أحدهما لا بعينه ، وكل واحد منهما يبني على يقين طهارته في المشهور وعنه يجب عليهما الوضوء ولو مس الرجل فرجه والمرأة ذكره فكذلك ، ولا ينتقض وضوء الخنثى إلا أن يكون مسهما لشهوة وجميع ذلك في اللمس مباشرة ، فأما مس الرجل ذكره لشهوة والمرأة فرجها لشهوة فلا ينقض لما تقدم . اللمس من وراء الحائل