قال المصنف - رحمه الله تعالى ( وإن ، فكل زمن تيقنا فيه الحيض ألزمناها اجتناب ما تجتنبه الحائض ، وكل زمان تيقنا فيه طهرها أبحنا فيه ما يباح للطاهر وأوجبنا ما يجب على الطاهر ، وكل زمان شككنا في طهرها حرمنا وطأها وأوجبنا ما يجب على الطاهر احتياطا ، وكل زمان جوزنا فيه انقطاع الحيض أوجبنا عليها أن تغتسل فيه للصلاة ، ويعرف ذلك بتنزيل أحوالها ، ونذكر من ذلك مسائل تدل على جميع أحكامها إن شاء الله - تعالى - وبه الثقة . فإذا كانت ناسية لوقت الحيض ذاكرة العدد ولا طهر بيقين ; لأنه يمكن في كل وقت أن تكون حائضا ويمكن أن تكون [ ص: 498 ] طاهرا ، فيجعل زمانها في الصلاة والصوم زمان الطهر ، وتتوضأ في العشر الأول لكل فريضة ، ولا تغتسل ، ; لأنه لا يمكن انقطاع الدم فيه ، فإذا مضى العشر أمرناها بالغسل لإمكان انقطاع الدم ، ثم نلزمها بعد ذلك أن تغتسل لكل صلاة إلى آخر الشهر ; لأن كل وقت من ذلك يمكن انقطاع الدم فيه ، فإن عرفت وقتا من اليوم كان ينقطع دمها فيه ألزمناها أن تغتسل كل يوم في ذلك الوقت ، ولا يلزمها أن تغتسل في غيره ; لأنا قد علمنا وقت انقطاع دمها من اليوم . وإن قالت : كنت أحيض إحدى العشرات الثلاث من الشهر فليس لها حيض ولا طهر بيقين ، فنجعل زمانها زمان الطهر فتصلي من أول الشهر وتتوضأ لكل فريضة وتغتسل في آخر كل عشر لإمكان انقطاع الدم فيه ، وإن قالت : كان حيضي عشرة أيام من الشهر لا أعرف وقتها لم يكن لها حيض فليس لها حيض ولا طهر بيقين في هذه العشرة ، فتصلي من أول العشر ثلاثة أيام بالوضوء ثم تغتسل لكل صلاة ، [ إلى آخر العشر ] إلا أن تعرف انقطاع الدم في وقت بعينه فتغتسل ذلك الوقت في كل يوم وتتوضأ في غيره . قالت : حيضي ثلاثة أيام في العشر الأول من الشهر
وإن صلت بالوضوء أربعة أيام ثم تغتسل لكل صلاة ، [ إلى آخر العشر ] وعلى هذا التنزيل في الخمس والست والسبع والثمان والتسع ، فإن علمت يقين طهرها في وقت بأن قالت : كان حيضي أربعة أيام من العشر الأول . فإنها في العشر الأول تتوضأ لكل صلاة ; لأنه لا يحتمل انقطاع الدم فيه ، فإذا مضت العشر اغتسلت لكل صلاة ، إلا أن تعلم انقطاع الدم في وقت بعينه فتغتسل فيه دون غيره ، وفي العشر الثالثة طاهر بيقين فتتوضأ لكل فريضة . وإن قالت : كان حيضي عشرة أيام في كل شهر ، وأعلم أني كنت في العشر الأخيرة طاهرا ، ففي اليوم الأول طهر بيقين فتتوضأ فيه لكل صلاة فريضة وفي اليوم الثاني والثالث والرابع والخامس طهر مشكوك فيه فتتوضأ فيه لكل فريضة ، والسادس حيض بيقين ، فإنه على أي تنزيل نزلنا لم يخرج اليوم السادس منه ، فتترك فيه ما تترك الحائض ثم تغتسل في آخره لإمكان انقطاع الدم فيه ، ثم تغتسل بعد ذلك لكل صلاة إلى آخر العاشر ، ثم تدخل في طهر بيقين فتتوضأ لكل فريضة ، وإن قالت : كان حيضي خمسة أيام في العشر الأول وكنت في اليوم الأول من العشر الأول طاهرا ، كان لها يوما حيض بيقين ، وهما الخامس والسادس ، ; لأنه إن ابتدأ الحيض من أول العشر فآخره السادس ، وإن ابتدأ من الخامس فآخره العاشر ، والخامس والسادس داخلان فيه بكل حال . وإن قالت : كان حيضي ستة أيام في العشر الأول حصل لها أربعة أيام حيض بيقين ، وهي من الرابع إلى السابع ، وإن قالت : ثمانية كان حيضها بيقين ستة من الثالث إلى آخر الثامن . قالت : كان حيضي سبعة أيام من العشر الأول
فإن قالت : تسعة كان ثمانية من الثاني إلى آخر التاسع لما بينا وإن قالت : كان حيضي في كل شهر عشرة أيام لا أعرفها وكنت في اليوم السادس طاهرا فإنها من أول الشهر إلى آخر السادس في طهر بيقين . ومن السابع إلى آخر الشهر في طهر مشكوك فيه ، فتتوضأ لكل فريضة إلى أن [ ص: 499 ] يمضي عشرة أيام بعد السادس ، ثم تغتسل لامكان انقطاع الدم فيه ، ثم تغتسل بعد ذلك لكل صلاة ، إلا أن تعرف الوقت الذي كان ينقطع فيه الدم فتغتسل كل يوم فيه دون غيره .
وإن قالت : كان حيضي في كل شهر خمسة أيام لا أعرف موضعها وأعلم إني كنت في الخمسة الأخيرة طاهرا وأعلم أن لي طهرا صحيحا غيرها في كل شهر ، فإنه يحتمل أن يكون حيضها في الخمسة الأولى والباقي طهرا ، ويحتمل أن يكون حيضها في الخمسة الثانية والباقي طهرا ، ولا يجوز أن يكون في الخمسة الثالثة ; لأن ما قبلها وما بعدها دون أقل الطهر ، ويحتمل أن يكون حيضها في الخمسة الرابعة ويكون ما قبلها طهرا ، ويحتمل أن يكون حيضها في الخمسة الخامسة ويكون ما قبلها طهرا فيلزمها أن تتوضأ لكل صلاة في الخمسة الأولى وتصلي ; لأنه طهر مشكوك فيه ، ثم تغتسل لكل فريضة من أول السادس إلى آخر العاشر ; لأنه طهر مشكوك فيه ، ويحتمل انقطاع الدم في كل وقت منه ومن أول الحادي عشر إلى آخر الخامس عشر تتوضأ لكل فريضة ; لأنه طهر بيقين ، ومن أول السادس عشر تتوضأ لكل صلاة إلى آخر العشرين ; لأنه طهر مشكوك فيه لا يحتمل انقطاع الحيض فيه ، ثم تغتسل لكل صلاة إلى آخر الخامس والعشرين ; لأنه طهر مشكوك فيه ، وتغتسل لكل صلاة ; لأنه يحتمل انقطاع الحيض في كل وقت منها ، ومن أول السادس والعشرين إلى آخر الشهر تتوضأ لكل فريضة ; لأنه طهر بيقين . وإن علمت يقين الحيض في بعض الأيام بأن قالت : كان حيضي في كل شهر عشرة أيام وكنت أكون في اليوم العاشر حائضا ، فإنه يحتمل أن يكون العاشر آخر حيضها ويكون ابتداؤها من أول الشهر ويحتمل أن يكون العاشر أول حيضها فيكون آخره التاسع عشر ، ويحتمل أن يكون ابتداؤها ما بين اليوم الأول من الشهر واليوم العاشر ، فهي من أول الشهر إلى اليوم التاسع في طهر مشكوك فيه ، ولا يحتمل انقطاع الدم فيه فتتوضأ لكل صلاة وتصلي ، واليوم العاشر يكون حيضا بيقين ، تترك فيه ما يجب على الحائض تركه وتغتسل في آخره ، ثم تغتسل لكل صلاة إلى تمام التاسع عشر ، إلا أن تعلم انقطاع الدم في وقت بعينه فتغتسل فيه من الوقت إلى الوقت ، ثم بعد ذلك في طهر بيقين إلى آخر الشهر ، فتتوضأ لكل صلاة فريضة .
فإن قالت : كان حيضي في كل شهر عشرة أيام ، ولي في كل شهر طهر صحيح ، وكنت في اليوم الثاني عشر حائضا ، فإنها في خمسة عشر يوما من آخر الشهر في طهر بيقين ، وفي اليوم الأول والثاني من أول الشهر في طهر بيقين ، وفي الثالث والرابع والخامس في طهر مشكوك فيه ، تتوضأ فيه لكل فريضة ، وفي السادس إلى تمام الثاني عشر في حيض بيقين ، ومن الثالث عشر إلى تمام الخامس عشر في طهر مشكوك فيه ، ويحتمل انقطاع الحيض في كل وقت منها فتغتسل لكل صلاة . وإن قالت : كان حيضي خمسة أيام من العشر الأول ، وكنت في اليوم الثاني من الشهر طاهرا وفي اليوم الخامس حائضا ، فإنه يحتمل أن يكون ابتداء حيضها من الثالث وآخره إلى تمام السابع ، ويحتمل أن يكون من الرابع وآخره إلى [ ص: 500 ] تمام الثامن ، ويحتمل أن يكون ابتداؤه من الخامس وآخره تمام التاسع ، فاليوم الأول والثاني طهر بيقين ، والثالث والرابع طهر مشكوك فيه ، والخامس والسادس والسابع حيض بيقين ، ثم تغتسل في آخر السابع ، فيكون ما بعده إلى تمام التاسع طهرا مشكوكا فيه تغتسل فيه لكل صلاة .
وإن ، فإن الشيخ قالت : كان لي في كل شهر حيضتان ولا أعلم موضعهما ولا عددهما - رحمه الله - ذكر أن أقل ما يحتمل أن يكون حيضها يوما من أول الشهر ويوما من آخره ويكون ما بينهما طهرا . وأكثر ما يحتمل أن يكون حيضها أربعة عشر يوما من أول الشهر أو من آخره ويوما وليلة من أول الشهر أو من آخره ويكون بينهما خمسة عشر يوما طهرا ، ويحتمل ما بين الأقل والأكثر فيلزمها أن تتوضأ وتصلي في اليوم الأول من الشهر ; لأنه طهر مشكوك فيه ، ثم تغتسل لكل صلاة إلى آخر الرابع عشر لاحتمال انقطاع الدم فيه ، ويكون الخامس عشر والسادس عشر طهرا بيقين ; لأنه إن كان ابتداء الطهر في اليوم الثاني ، فاليوم السادس عشر آخره . وإن كان من الخامس عشر ، فالخامس عشر والسادس عشر داخل في الطهر ، ومن السابع عشر إلى آخر الشهر طهر مشكوك فيه . وقال شيخنا القاضي أبا حامد الإسفراييني - رحمه الله - : هذا خطأ ; لأنا إذا نزلناها هذا التنزيل لم يجز أن يكون هذا حالها في الشهر الذي بعده ، بل يجب أن تكون في سائر الشهور كالمتحيرة الناسية لأيام حيضها ووقته ، فتغتسل لكل صلاة ولا يطؤها الزوج . وتصوم رمضان وتقضيه على ما بيناه ) . أبو الطيب الطبري