[ ص: 36 ] باب التكبير قال المصنف رحمه الله تعالى ( لما روى التكبير سنة في العيدين عن نافع عبد الله { الفضل بن عباس وعبد الله بن عباس وعلي وجعفر والحسن والحسين وأسامة بن زيد وزيد بن حارثة وأيمن ابن أم أيمن رافعا صوته بالتهليل والتكبير ، ويأخذ طريق الحدادين حتى يأتي المصلى } ، وأول وقت تكبير الفطر إذا غابت الشمس من ليلة الفطر ; لقوله عز وجل { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخرج في العيدين مع ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم } وإكمال العدة بغروب الشمس من ليلة الفطر وأما آخره ففيه طريقان ، من أصحابنا من قال : فيه ثلاثة أقوال : ( أحدها ) ما روى أنه يكبر إلى أن يخرج الإمام من الصلاة ; لأنه إذا حضر فالسنة أن يشتغل بالصلاة فلا معنى للتكبير ( والثاني ) ما رواه المزني أنه يكبر حتى تفتتح الصلاة ; لأن الكلام مباح قبل أن تفتتح الصلاة فكان التكبير مستحبا ( والثالث ) قاله في القديم : حتى ينصرف الإمام ; لأن الإمام والمأمومين مشغولون بالذكر إلى أن يفرغوا من الصلاة فسن لمن لم يكن في الصلاة أن يكبر ومن أصحابنا من قال : هو على قول واحد أنه يكبر إلى أن تفتتح الصلاة وتؤول رواية البويطي على ذلك ; لأنه إذا خرج إلى المصلى افتتح الصلاة وقوله في القديم حتى ينصرف الإمام ; لأنه ما لم ينصرف مشغول بالتكبير في الصلاة ويسن التكبير المطلق في عيد الفطر المزني
وهل يسن التكبير المقيد في أدبار الصلوات ؟ فيه وجهان ( أحدهما ) لا يسن لأنه لم ينقل ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ( والثاني ) أنه يسن لأنه عيد يسن له التكبير المطلق ، فيسن له التكبير المقيد كالأضحى والسنة في التكبير أن يقول : الله أكبر الله أكبر الله أكبر ثلاثا ، لما روي عن أنه قال { ابن عباس الله أكبر ثلاثا } وعن عبد الله بن محمد بن أبي بكر بن عمرو بن حزم قال : رأيت الأئمة رضي الله عنهم يكبرون أيام التشريق بعد الصلاة ثلاثا ، وعن الحسن مثله ، قال في الأم : وإن زاد زيادة فليقل بعد الثلاث : الله أكبر كبيرا ، والحمد لله كثيرا ، وسبحان الله بكرة وأصيلا ، لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه مخلصين [ ص: 37 ] له الدين ولو كره الكافرون ، لا إله إلا الله وحده ، صدق وعده ، ونصر عبده ، وهزم الأحزاب وحده ، لا إله إلا الله ، والله أكبر ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال ذلك على الصفا ويستحب رفع الصوت بالتكبير لما روي { } أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخرج في العيدين رافعا صوته بالتهليل والتكبير ; لأنه إذا رفع صوته سمع من لم يكبر فيكبر
( فصل ) وأما تكبيرة الأضحى ففي وقته ثلاثة أقوال ( أحدها ) يبتدئ بعد الظهر من يوم النحر إلى أن يصلي الصبح من آخر أيام التشريق ، والدليل على أنه يبتدئ بعد الظهر قوله عز وجل { فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله } والمناسك تقضى يوم النحر ضحوة ، وأول صلاة تلقاهم الظهر ، والدليل على أنه يقطعه بعد الصبح أن الناس تبع للحاج ، وآخر صلاة يصليها الحاج بمنى صلاة الصبح ثم يخرج ( والثاني ) يبتدئ بعد غروب الشمس من ليلة العيد قياسا على عيد الفطر ، ويقطعه إذا صلى الصبح من آخر أيام التشريق لما ذكرناه ( والثالث ) أن يبتدئ بعد صلاة الصبح من يوم عرفة ويقطعه بعد صلاة العصر من آخر أيام التشريق لما روى عمر رضي الله عنهما { وعلي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يكبر في دبر كل صلاة ، بعد صلاة الصبح يوم عرفة إلى ما بعد صلاة العصر من آخر أيام التشريق } ( فصل ) السنة أن يكبر في هذه الأيام خلف الفرائض لنقل الخلف عن السلف ، وهل يكبر خلف النوافل ؟ فيه طريقان ، من أصحابنا من قال : يكبر قولا واحدا ; لأنها صلاة راتبة فأشبهت الفرائض ومنهم من قال فيه قولان ( أحدهما ) يكبر لما قلناه ( والثاني ) لا يكبر ; لأن النفل تابع للفرض ، والتابع لا يكون له تبع ومن فاتته صلاة في هذه الأيام فأراد قضاءها في غيرها لم يكبر خلفها لأن التكبير يختص بهذه الأيام فلا يفعل في غيرها ، وإن قضاها في هذه الأيام ففيه وجهان : ( أحدهما ) يكبر لأن وقت التكبير باق ( والثاني ) لا يكبر لأن التكبير خلف هذه الصلوات يختص بوقتها ، وقد فات الوقت فلم يقض )
[ ص: 38 ]