قال المصنف رحمه الله تعالى ( وإن ، فقد قال في الجديد : تجب أربع حقاق أو خمس بنات لبون وقال في القديم : تجب أربع حقاق . فمن أصحابنا من قال : يجب أحد الفرضين قولا واحدا . ومنهم من قال : فيه قولان : ( أحدهما ) : تجب الحقاق ; لأنه إذا أمكن تغير الفرض بالسن لم يغير بالعدد . كما قلنا فيما قبل المائتين ( والثاني ) : يجب أحد الفرضين لما روى اتفق في نصاب فرضان كالمائتين هي نصاب خمس بنات لبون ، ونصاب أربع حقاق سالم في نسخة كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم { } ، فعلى هذا إن وجد أحدهما تعين إخراجه ; لأن المخير في الشيئين إذا تعذر عليه أحدهما تعين عليه الآخر كالمكفر عن اليمين إذا تعذر عليه العتق والكسوة تعين عليه الإطعام ، وإن وجدهما اختار المصدق أنفعهما للمساكين . وقال فإذا كانت مائتين ففيها أربع حقاق أو خمس بنات لبون أبو العباس : يختار صاحب المال ما شاء منهما وقد مضى دليل المذهبين في الصعود والنزول . فإن اختار المصدق الأدنى نظرت فإن كان ذلك بتفريط من رب المال بأن لم يظهر أحد الفرضين أو من الساعي بأن لم يجتهد وجب رد المأخوذ أو بدله إن كان تالفا ، فإن لم يفرط واحد منهما أخرج رب المال الفضل ، وهو ما بين قيمة الصنفين ، وهل يجب ذلك أم لا ؟ فيه وجهان : ( أحدهما ) : يستحب ; ; لأن المخرج يجزئ عن الفرض ، فكان الفضل مستحبا ( والثاني ) : أنه واجب ، وهو ظاهر النص ; لأنه لم يؤد الفرض بكماله ، فلزمه إخراج الفضل فإن كان الفضل يسيرا لا يمكن أن يشتري به جزءا من الفرض تصدق به ، وإن كان يمكن ففيه وجهان :
( أحدهما ) : يجب ; لأنه يمكن الوصول إلى جزء من الفرض فلم تجز فيه القيمة ( والثاني ) : لا يجب ; لأنه يتعذر ذلك في العادة ، فإن عدم الفرضان في المال نزل إلى بنات مخاض أو صعد إلى الجذاع مع الجبران . وإن وجد أحد الفرضين وبعض الآخر أخذ الموجود ، فإن أراد أن يأخذ بعض الآخر مع الجبران لم يجز ; لأن أحد الفرضين كامل ، فلم يجز العدول إلى الجبران . وإن وجد من كل واحد منهما بعضه بأن كان في المال ثلاث حقاق وأربع بنات لبون ، فأعطى الثلاث الحقاق وبنت لبون مع الجبران جاز . وإن أعطى أربع بنات لبون وحقة ، وأخذ الجبران جاز وإن أعطى حقة وثلاث بنات لبون مع كل بنت لبون جبران ففيه وجهان : ( أحدهما ) : يجوز كما يجوز في ثلاث حقاق وبنت لبون ( والثاني ) : لا يجوز ; لأنه يمكنه أن يعطي ثلاث حقاق وبنت لبون وجبرانا واحدا ، فلا يجوز ثلاث جبرانات ; ولأنه إذا أعطى ثلاث بنات لبون مع الجبران ترك بعض الفرض وعدل إلى الجبران ، فلم يجز ، كما لا يجوز أخذ الجبران إذا وجد [ ص: 377 ] أحدهما كاملا ، وإن وجد الفرضين معيبين لم يأخذ بل يقال له : إما أن تشتري الفرض الصحيح ، وإما أن تصعد مع الجبران أو تنزل مع الجبران . وإن كانت الإبل أربعمائة وقلنا : إن الواجب أحد الفرضين جاز أن يأخذ عشر بنات لبون أو ثماني حقاق ، فإن أراد أن يأخذ عن مائتين أربع حقاق ، وعن مائتين خمس بنات لبون جاز .
وقال : لا يجوز كما لا يجوز ذلك في المائتين ، والمذهب الأول ; لأنهما فريضتان ، فجاز أن يأخذ في إحداهما جنسا وفي الأخرى جنسا آخر ، كما لو كان عليه كفارتا يمين ، فأخرج في إحداهما الكسوة وفي الأخرى الطعام ) : . أبو سعيد الإصطخري