قال المصنف رحمه الله تعالى : ( فإن لم يجزئ ذلك عن الفرض . فإن كان باقيا استرجع ودفع إلى فقير ، وإن كان فانيا أخذ البدل وصرفه إلى فقير ، فإن لم يكن للمدفوع إليه مال لم يجب على رب المال ضمانه ; لأنه سقط عنه الفرض بالدفع إلى الإمام ولا يجب على الإمام ; لأنه أمين غير مفرط فهو كالمال الذي تلف في يد الوكيل ، وإن كان الذي دفع [ إليه ] رب المال فإن لم يبين عند الدفع أنه زكاة لم يكن له أن يرجع ; لأنه قد يدفع عن زكاة واجبة وعن تطوع [ ص: 224 ] فإذا ادعى الزكاة كان متهما فلم يقبل قوله ، ويخالف الإمام فإن الظاهر من حاله أنه لا يدفع إلا الزكاة فثبت له الرجوع ، وإن كان قد بين أنها زكاة رجع فيها إن كانت باقية وفي بدلها إن كانت فانية فإن لم يكن للمدفوع [ إليه ] مال فهل يضمن رب المال الزكاة ؟ فيه قولان : ( أحدهما ) لا يضمن ; لأنه دفع [ إليه ] بالاجتهاد فهو كالإمام . دفع الإمام الزكاة إلى من ظاهره الفقر ثم بان أنه غني
( والثاني ) يضمن ; لأنه كان يمكنه أن يسقط الفرض بيقين بأن يدفعه إلى الإمام فإذا فرق بنفسه فقد فرط فلزمه الضمان بخلاف الإمام ، وإن دفع الزكاة إلى رجل ظنه مسلما فكان كافرا أو إلى رجل ظنه حرا فكان عبدا فالمذهب أن حكمه حكم ما لو دفع إلى رجل ظنه فقيرا فكان غنيا . ومن أصحابنا من قال : يجب الضمان ههنا قولا واحدا ; لأن حال الكافر والعبد لا يخفى فكان مفرطا في الدفع إليهما ، وحال الغني قد يخفى فلم يكن مفرطا ) .