[ ص: 286 ] قال المصنف رحمه الله تعالى ( والطيب كل ما يتطيب به ويتخذ منه الطيب والورس والزعفران وفي الريحان الفارسي والمرزنجوش واللينوفر والنرجس قولان : ( أحدهما ) يجوز شمها لما روى كالمسك والكافور والعنبر والصندل والورد والياسمين رضي الله عنه " أنه سئل عن المحرم يدخل البستان ؟ فقال : نعم ويشم الريحان " ; ولأن هذه الأشياء لها رائحة إذا كانت رطبة فإذا جفت لم يكن لها رائحة ( والثاني ) لا يجوز ; لأنه يراد للرائحة فهو كالورد والزعفران ( وأما ) البنفسج فقد قال عثمان : ليس هو بطيب فمن أصحابنا من قال : هو طيب قولا واحدا ; لأنه تشم رائحته ويتخذ منه الدهن فهو كالورد وتأول قول الشافعي على المربب بالسكر ومنهم من قال : ليس هو بطيب قولا واحدا ; لأنه يراد للتداوي ولا يتخذ من يابسه طيب ومنهم من قال : هو كالنرجس والريحان وفيه قولان ; لأنه يشم رطبه ولا يتخذ من يابسه طيب . الشافعي
( وأما ) الأترج فليس بطيب [ لأنه يراد للأكل فهو كالتفاح والسفرجل وأما العصفر فليس بطيب ] لقوله صلى الله عليه وسلم : { وليلبسن ما أحببن من المعصفر } ; لأنه يراد للون فهو كاللون والحناء ليس بطيب لما روي { } ولأنه يراد للون فهو كالعصفر ولا يجوز أن يستعمل الأدهان المطيبة كدهن الورد والزنبق ودهن البان المنشوش وتجب بها الفدية ; لأنه يراد للرائحة ( وأما ) غير المطيب كالزيت والشيرج والبان غير المنشوش فإنه يجوز استعمالها في غير الرأس واللحية ; لأنه ليس فيه طيب ولا تزيين ولا يحرم استعمالها في شعر اللحية ; لأنه يرجل الشعر ويزينه وتجب به الفدية فإن استعمله في رأسه وهو أصلع جاز ; لأنه ليس فيه تزيين وإن استعمله في رأسه وهو محلوق لم يجز ; لأنه يحسن الشعر إذا نبت ويجوز أن يجلس عند العطار وفي موضع يبخر ; لأن في المنع من ذلك مشقة ولأن ذلك ليس بتطيب مقصود والمستحب أن يتوقى ذلك إلا أن [ ص: 287 ] يكون في موضع قربة كالجلوس عند أن أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم كن يختضبن بالحناء وهن محرمات الكعبة وهي تجمر فلا يكره ذلك ; لأن الجلوس عندها قربة فلا يستحب تركها لأمر مباح وله أن يحمل الطيب في خرقة أو قارورة والمسك في نافجة ولا فدية عليه ; لأن دونه حائلا وإن مس طيبا فعبقت به رائحته ففيه قولان : ( أحدهما ) لا فدية عليه ; لأنه رائحة من مجاورة فلم يكن لها حكم كالماء إذا تغيرت رائحته بجيفة بقربه ( والثاني ) يجب ; لأن المقصود من الطيب هو الرائحة وقد حصل ذلك وإن كان عليه طيب فأراد غسله فالمستحب أن يولي غيره غسله حتى لا يباشره بيده فإن غسله بنفسه جاز ; لأن غسله ترك له فلا يتعلق به تحريم كما لو دخل دار غيره بغير إذنه فأراد أن يخرج وإن حصل عليه طيب ولا يقدر على إزالته بغير الماء وهو محدث ومعه من الماء ما لا يكفي الطيب والوضوء غسل به الطيب ; لأن الوضوء له بدل وغسل الطيب لا بدل له وإن كان عليه نجاسة استعمل الماء في إزالة النجاسة ; لأن النجاسة تمنع صحة الصلاة والطيب لا يمنع صحة الحج ) .