قال المصنف - رحمه الله تعالى - وفي ثلاثة أقوال ( أحدها ) ينتقل بنفس العقد لأنه عقد معاوضة يوجب الملك فانتقل الملك فيه بنفس العقد كالنكاح ( والثاني ) أنه يملك بالعقد وانقضاء الخيار ، لأنه لا يملك التصرف إلا بالعقد وانقضاء الخيار ، فدل على أنه لا يملك إلا بهما ( والثالث ) أنه موقوف مراعى ، فإن لم يفسخ العقد تبينا أنه ملك بالعقد ، وإن فسخ تبينا أنه لم يملك ، لأنه لا يجوز أن يملك بالعقد ، لأنه لو ملك بالعقد لملك التصرف ، ولا يجوز أن يملك بانقضاء الخيار ، لأن انقضاء الخيار لا يوجب الملك . فثبت أنه موقوف مراعى . فإن كان المبيع عبدا فأعتقه البائع نفذ عتقه ، لأنه إن كان باقيا على ملكه فقد صادف العتق ملكه ، وإن كان قد زال ملكه عنه إلا أنه يملك الفسخ فجعل العتق فسخا ، وإن أعتقه المشتري لم يخل إما أن يفسخ البائع البيع أو لا يفسخ فإن لم يفسخ - وقلنا : إنه يملكه بنفس العقد ، أو قلنا : إنه موقوف - نفذ عتقه لأنه صادف ملكه ( وإن قلنا ) : إنه لا يملك بالعقد لم يعتق ، لأنه لم يصادف ملكه . الوقت الذي ينتقل الملك في البيع الذي فيه خيار المجلس أو خيار الشرط ،
وإن فسخ البائع - وقلنا : إنه لا يملك بالعقد أو موقوف - لم يعتق ، لأنه لم يصادف ملكه .
( وإن قلنا ) : إنه يملك بالعقد ففيه وجهان قال أبو العباس : إن كان موسرا عتق وإن كان معسرا لم يعتق ، لأن العتق صادف ملكه ، وقد تعلق به حق الغير فأشبه عتق المرهون ( ومن ) أصحابنا من قال : لا يعتق ، وهو المنصوص ، لأن البائع اختار الفسخ والمشتري اختار الإجازة بالعتق ، والفسخ والإجازة إذا اجتمعا قدم الفسخ ، ولهذا لو قال المشتري : أجزت ، وقال البائع [ ص: 253 ] بعده : فسخت ، قدم الفسخ وبطلت الإجازة ، وإن كانت سابقة للفسخ ( فإن قلنا ) : لا يعتق عاد العبد إلى ملك البائع ( وإن قلنا ) يعتق ، فهل يرجع البائع بالثمن أو القيمة ؟ قال أبو العباس يحتمل وجهين ( أحدهما ) يرجع بالثمن ويكون العتق مقررا للعقد ومبطلا للفسخ ( والثاني ) أنه يرجع بالقيمة ، لأن البيع انفسخ وتعذر الرجوع إلى العين ، فرجع إلى قيمته كما لو اشترى عبدا بثوب وأعتق العبد ، ووجد البائع بالثوب عيبا فرده فإنه يرجع بقيمة العبد ، فإن باع البائع المبيع أو وهبه صح لأنه إما أن يكون على ملكه فيملك العقد عليه ، وإما أن يكون للمشتري إلا أنه يملك الفسخ فجعل البيع والهبة فسخا .
وإن باع المشتري المبيع أو وهبه نظرت فإن كان بغير رضى البائع " فإن قلنا " إنه في ملك البائع لم يصح تصرفه ، وإن قلنا : إنه في ملكه ففيه وجهان قال : يصح ، وللبائع أن يختار الفسخ ، فإذا فسخ بطل تصرف المشتري . ووجهه أن التصرف صادف ملكه الذي ثبت للغير فيه حق الانتزاع فأشبه إذا اشترى شقصا فيه شفعة فباعه ( ومن ) أصحابنا من قال : لا يصح لأنه باع عينا تعلق بها حق الغير من غير رضاه ، فلم يصح ، كما لو باع الراهن المرهون ، فأما إذا تصرف فيه برضى البائع نظرت - فإن كان عتقا - نفذ لأنهما رضيا بإمضاء البيع ، وإن كان بيعا أو هبة ففيه وجهان ( أحدهما ) لا يصح ، لأنه ابتداء بالتصرف قبل أن يتم ملكه ( والثاني ) يصح لأن المنع من التصرف لحق البائع وقد رضي البائع . أبو سعيد الإصطخري