( 1386 ) فصل : ومن تجب عليه الجمعة لا يجوز له السفر بعد دخول وقتها . وبه قال  الشافعي  ، وإسحاق  ،  وابن المنذر    . وقال  أبو حنيفة  يجوز . 
وسئل الأوزاعي  عن مسافر يسمع أذان الجمعة ، وقد أسرج دابته ، فقال : ليمض في سفره ; لأن  عمر  رضي الله عنه قال : الجمعة لا تحبس عن سفر . ولنا ، ما روى  ابن عمر  ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { من سافر من دار إقامة يوم الجمعة دعت عليه الملائكة ، لا يصحب في سفره ، ولا يعان على حاجته   } رواه  الدارقطني  في الأفراد . وهذا وعيد لا يلحق بالمباح . 
ولأن الجمعة قد وجبت عليه ، فلم يجز له الاشتغال بما يمنع منها ، كاللهو ، والتجارة ، وما روي عن  عمر  ، فقد روي عن ابنه وعائشة  ، أخبار تدل على كراهية السفر يوم الجمعة  ، فتعارض قوله ، ثم نحمله على السفر قبل الوقت . ( 1387 ) فصل : وإن سافر قبل الوقت ، فذكر  أبو الخطاب  فيه ثلاث روايات : إحداها ، المنع لحديث  ابن عمر    . والثانية ، الجواز : وهو قول الحسن  ،  وابن سيرين  ، وأكثر أهل العلم ، لقول  عمر  ، ولأن الجمعة لم تجب ، فلم يحرم السفر كالليل . 
والثالثة ، يباح للجهاد دون غيره . وهذا الذي ذكره  القاضي    ; لما روى  ابن عباس    { أن النبي صلى الله عليه وسلم وجه  زيد بن حارثة  ،  وجعفر بن أبي طالب  ،  وعبد الله بن رواحة  في جيش مؤتة  ، فتخلف عبد الله  ، فرآه النبي صلى الله عليه وسلم فقال : ما خلفك ؟ قال : الجمعة . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : لروحة في سبيل الله أو قال : غدوة ، خير من الدنيا وما فيها . قال : فراح منطلقا .   } رواه الإمام  أحمد  ، في " المسند " . 
والأولى الجواز مطلقا ; لأن ذمته بريئة من الجمعة فلم يمنعه إمكان وجوبها عليه كما قبل يومها . وذكر  أبو الخطاب  أن الوقت الذي يمنع السفر ، ويختلف فيما قبله ، زوال الشمس . ولم يفرق  القاضي  بين ما قبل الزوال وما بعده . ولعله بنى على أن وقتها وقت العيد ، ووجه قول  أبي الخطاب  على أن تقديمها رخصة على خلاف الأصل ، فلم يتعلق به حكم المنع ، كتقديم الآخرة من  [ ص: 109 ] المجموعتين إلى وقت الأولى . 
( 1388 ) فصل : وإن خاف المسافر فوات رفقته ، جاز له ترك الجمعة ;  لأن ذلك من الأعذار المسقطة للجمعة والجماعة ، وسواء كان في بلده فأراد إنشاء السفر ، أو في غيره . 
				
						
						
