( 1717 ) فصل : ولا يجوز إخراج المعيبة عن الصحاح ،  وإن كثرت قيمتها ; للنهي عن أخذها ، ولما فيه من الإضرار بالفقراء ، ولهذا يستحق ردها في البيع وإن كثرت قيمتها وإن كان في النصاب صحاح ومراض ،  أخرج صحيحة ، قيمتها على قدر قيمة المالين ، فإن كان النصاب كله مراضا إلا مقدار الفرض ، فهو مخير بين إخراجه ، وبين شراء مريضة قليلة القيمة فيخرجها ، ولو كانت الصحيحة غير الفريضة بعدد الفريضة ، مثل من وجب عليه  [ ص: 244 ] ابنتا لبون ، وعنده حواران صحيحان ، كان عليه شراء صحيحتين ، فيخرجهما . 
وإن وجبت عليه حقتان وعنده ابنتا لبون صحيحتان ، خير بين إخراجهما مع الجبران ، وبين شراء حقتين صحيحتين على قدر قيمة المال . وإن كان عنده جذعتان صحيحتان ، فله إخراجهما مع أخذ الجبران . وإن كانت عليه حقتان ونصف ماله صحيح ونصفه مريض فقال  ابن عقيل  له إخراج حقة صحيحة ، وحقة مريضة ; لأن النصف الذي يجب فيه إحدى الحقتين مريض كله . 
والصحيح في المذهب خلاف هذا ; لأن في ماله صحيحا ومريضا ، فلم يملك إخراج مريضة ، كما لو كان نصابا واحدا ، ولم يتعين النصف الذي وجبت فيه الحقة في المراض ، وكذلك لو كان لشريكين ، لم يتعين حق أحدهما في المراض دون الآخر . وإن كان النصاب مراضا كله ، فالصحيح في المذهب جواز إخراج الفرض منه ، ويكون وسطا في القيمة ، ولا اعتبار بقلة العيب وكثرته ; لأن القيمة تأتي على ذلك . 
وهو قول  الشافعي   وأبي يوسف   ومحمد  وقال  مالك  إن كانت كلها جرباء أخرج جرباء ، وإن كانت كلها هتماء كلف شراء صحيحة . وقال أبو بكر  لا تجزئ إلا صحيحة لأن  أحمد  قال : لا يؤخذ إلا ما يجوز في الأضاحي ، وللنهي عن أخذ ذات العوار ، فعلى هذا يكلف شراء صحيحة بقدر قيمة المريضة . ولنا ، قول النبي صلى الله عليه وسلم {   : إياك وكرائم أموالهم   } وقال { إن الله تعالى لم يسألكم خيره ، ولم يأمركم بشره .   } رواه أبو داود  ، ولأن مبنى الزكاة على المواساة ، وتكليف الصحيحة عن المراض إخلال بالمواساة ، ولهذا يأخذ من الرديء من الحبوب والثمار من جنسه ، ويأخذ من اللئام والهزال من المواشي من جنسه ، كذا هاهنا . وقد ذكرنا أن الاستثناء في الحديث يدل على جواز إخراج المعيبة في بعض الأحوال ، أو نحمله على ما إذا كان فيه صحيح ، فإن الغالب الصحة ، وإن كان جميع النصاب مريضا إلا بعض الفريضة ، أخرج الصحيحة ، وتمم الفريضة من المراض على قدر المال ، ولا فرق في هذا بين الإبل والبقر والغنم ، والحكم في الهرمة كالحكم في المعيبة سواء . 
				
						
						
