( 1793 ) مسألة : قال : ( وإن ، أجزأه إذا لم يخرجه إلى الغنى ) وجملته أنه يجوز أن يقتصر على صنف واحد من الأصناف الثمانية ، ويجوز أن يعطيها شخصا واحدا . أعطاها كلها في صنف واحد
وهو قول عمر وحذيفة ، وبه قال وابن عباس سعيد بن جبير والحسن والنخعي ، وإليه ذهب وعطاء الثوري وأصحاب الرأي . وروي عن وأبو عبيد أنه قال : إن كان المال كثيرا يحتمل الأصناف ، قسمه عليهم ، وإن كان قليلا ، جاز وضعه في صنف واحد . وقال النخعي : يتحرى موضع الحاجة منهم ، ويقدم الأولى فالأولى مالك
وقال عكرمة : يجب أن يقسم زكاة كل صنف من ماله ، على الموجود من الأصناف الستة الذين سهمانهم ثابتة ، قسمة على السواء ، ثم حصة كل صنف منهم ، لا تصرف إلى أقل من ثلاثة منهم ، إن وجد منهم ثلاثة أو أكثر فإن لم يجد إلا واحدا ، صرف حصة ذلك الصنف إليه . والشافعي
وروى عن الأثرم كذلك . وهو اختيار أحمد أبي بكر ; لأن الله تعالى جعل الصدقة لجميعهم ، وشرك بينهم فيها ، فلا يجوز الاقتصار على بعضهم كأهل الخمس . ولنا { : أعلمهم أن عليهم صدقة ، تؤخذ من أغنيائهم ، فترد في فقرائهم لمعاذ } . ، قول النبي صلى الله عليه وسلم
فأخبر أنه مأمور برد جملتها في الفقراء ، وهم صنف واحد ، ولم يذكر سواهم ، ثم أتاه بعد ذلك مال ، فجعله في صنف ثان سوى الفقراء ، وهم المؤلفة الأقرع بن حابس وعيينة بن حصن وعلقمة بن علاثة ، وزيد الخير قسم فيهم الذهبية التي بعث بها إليه من علي اليمن . وإنما يؤخذ من أهل اليمن الصدقة . ثم أتاه مال آخر ; فجعله في صنف آخر ; لقوله لقبيصة بن المخارق حين تحمل حمالة ، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم يسأله ، فقال { } . وفي حديث : أقم يا قبيصة حتى تأتينا الصدقة ، فنأمر لك بها سلمة بن صخر البياضي ، أنه أمر له بصدقة قومه .
ولو وجب صرفها إلى جميع الأصناف لم يجز دفعها إلى واحد ، ولأنها لا يجب صرفها إلى جميع الأصناف إذا أخذها الساعي ، فلم يجب [ ص: 282 ] دفعها إليهم إذا فرقها المالك ، كما لو لم يجد إلا صنفا واحدا ، ولأنه لا يجب عليه تعميم أهل كل صنف بها ، فجاز الاقتصار على واحد ، كما لو وصى لجماعة لا يمكن حصرهم ، ويخرج على هذين المعنيين الخمس ، فإنه يجب على الإمام تفريقه على جميع مستحقيه ، واستيعاب جميعهم به بخلاف الزكاة ، والآية أريد بها بيان الأصناف الذين يجوز الدفع إليهم ، دون غيرهم . إذا ثبت هذا ، فإن المستحب صرفها إلى جميع الأصناف ، أو إلى من أمكن منهم ; لأنه يخرج بذلك عن الخلاف ، ويحصل الإجزاء يقينا فكان أولى .
( 1794 ) فصل : قول : " إذا لم يخرجه إلى الغنى " . يعني به الغنى المانع من أخذ الزكاة ، وقد ذكرناه . وظاهر قول الخرقي أنه لا يدفع إليه ما يحصل به الغنى ، والمذهب أنه يجوز أن يدفع إليه ما يغنيه من غير زيادة . نص عليه الخرقي في مواضع وذكره أصحابه ، فيتعين حمل كلام أحمد على أنه لا يدفع إليه زيادة على ما يحصل به الغنى . الخرقي
وهذا قول الثوري ومالك والشافعي . وقال أصحاب الرأي : يعطى ألفا وأكثر إذا كان محتاجا إليها ، ويكره أن يزاد على المائتين . ولنا ، أن الغنى لو كان سابقا منع ، فيمنع إذا قارن ، كالجمع بين الأختين في النكاح . وأبي ثور