الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 2111 ) مسألة : قال ( ولا يفطر إلا بشهادة اثنين ) وجملة ذلك أنه لا يقبل في هلال شوال إلا شهادة اثنين عدلين . في قول الفقهاء جميعهم ، إلا أبا ثور ، فإنه قال : يقبل قول واحد ; لأنه أحد طرفي شهر رمضان ، أشبه الأول ، ولأنه خبر يستوي فيه المخبر والمخبر ، أشبه الرواية وأخبار الديانات .

                                                                                                                                            ولنا خبر عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب ، وعن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه { أجاز شهادة رجل واحد على رؤية الهلال ، وكان لا يجيز على شهادة الإفطار إلا شهادة رجلين } . ولأنها شهادة على هلال لا يدخل بها [ ص: 49 ] في العبادة ، فلم تقبل فيه إلا شهادة اثنين كسائر الشهود ، وهذا يفارق الخبر ; لأن الخبر يقبل فيه قول المخبر مع وجود المخبر عنه ، وفلان عن فلان ، وهذا لا يقبل فيه ذلك ، فافترقا . ( 2112 )

                                                                                                                                            فصل : ولا يقبل فيه شهادة رجل وامرأتين ، ولا شهادة النساء المنفردات وإن كثرن ، وكذلك سائر الشهور ; لأنه مما يطلع عليه الرجال ، وليس بمال ، ولا يقصد به المال ، فأشبه القصاص ، وكان القياس يقتضي مثل ذلك في رمضان ، لكن تركناه احتياطا للعبادة . ( 2113 )

                                                                                                                                            فصل : وإذا صاموا بشهادة اثنين ثلاثين يوما ، ولم يروا هلال شوال ، ; أفطروا وجها واحدا . وإن صاموا بشهادة واحد ، فلم يروا الهلال ; ففيه وجهان : أحدهما : لا يفطرون ; لقوله عليه السلام : { وإن شهد اثنان فصوموا وأفطروا } . ولأنه فطر ، فلم يجز أن يستند إلى شهادة واحد ، كما لو شهد بهلال شوال . والثاني : يفطرون . وهو منصوص الشافعي ، ويحكى عن أبي حنيفة ; لأن الصوم إذا وجب الفطر لاستكمال العدة ، لا بالشهادة ، وقد يثبت تبعا ما لا يثبت أصلا ، بدليل أن النسب لا يثبت بشهادة النساء ، وتثبت بها الولادة ، فإذا ثبتت الولادة ثبت النسب على وجه التبع للولادة ، كذا هاهنا .

                                                                                                                                            وإن صاموا لأجل الغيم ; لم يفطروا وجها واحدا ; لأن الصوم إنما كان على وجه الاحتياط ، فلا يجوز الخروج منه بمثل ذلك ، والله أعلم .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية