الثالث : في . وهو مكروه في قول أكثر أهل العلم . وروي عن الوصال ، وهو أن لا يفطر بين اليومين بأكل ولا شرب أنه كان يواصل اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم . ولنا ما روى ابن الزبير ، قال : { ابن عمر } . متفق عليه . واصل رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان ، فواصل الناس ، فنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الوصال ، فقالوا : إنك تواصل . قال : إني لست مثلكم ، إني أطعم وأسقى
وهذا يقتضي اختصاصه بذلك ، ومنع إلحاق غيره به . وقوله : ( إني أطعم وأسقى ) . يحتمل أنه يريد أنه يعان على الصيام ، ويغنيه الله تعالى عن الشراب والطعام ، بمنزلة من طعم وشرب . ويحتمل أنه أراد : إني أطعم حقيقة ، وأسقى حقيقة ، حملا للفظ على حقيقته . والأول أظهر ، لوجهين : أحدهما ، أنه لو طعم وشرب حقيقة لم يكن مواصلا ، وقد أقرهم على قولهم : إنك تواصل .
والثاني : أنه قد روي أنه قال : ( إني أظل يطعمني ربي ويسقيني ) . وهذا يقتضي أنه في النهار ، ولا يجوز الأكل في النهار له ولا لغيره . إذا ثبت هذا ، فإن الوصال غير محرم . وظاهر قول أنه محرم ، تقريرا لظاهر النهي في التحريم . [ ص: 56 ] الشافعي
ولنا أنه ترك الأكل والشرب المباح ، فلم يكن محرما ، كما لو تركه في حال الفطر . فإن قيل : فصوم يوم العيد محرم ، مع كونه تركا للأكل والشرب المباح . قلنا : ما حرم ترك الأكل والشرب بنفسه ; وإنما حرم بنية الصوم ، ولهذا لو تركه من غير نية الصوم لم يكن محرما . وأما النهي فإنما أتى به رحمة لهم ، ورفقا بهم ; لما فيه من المشقة عليهم . كما نهى عن صيام النهار ، وقيام الليل ، وعن قراءة القرآن في أقل من ثلاث . قالت عبد الله بن عمرو : { عائشة } . نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الوصال ، رحمة لهم
وهذا لا يقتضي التحريم ، ولهذا لم يفهم منه أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم التحريم ، بدليل أنهم واصلوا بعده ، ولو فهموا منه التحريم لما استجازوا فعله . قال : { أبو هريرة } . كالمنكل لهم حين أبوا أن ينتهوا . متفق عليه . فإن نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الوصال ، فلما أبوا أن ينتهوا ، واصل بهم يوما ويوما ، ثم رأوا الهلال . فقال : لو تأخر لزدتكم جاز ; لما روى واصل من سحر إلى سحر ، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : { أبو سعيد } أخرجه لا تواصلوا ، فأيكم أراد أن يواصل فليواصل حتى السحر . وتعجيل الفطر أفضل ، لما قدمناه . البخاري