( 2526 ) فصل   : والمبيت بمزدلفة  واجب ، من تركه فعليه دم    . هذا قول  عطاء  ، والزهري  ،  وقتادة  ،  والثوري  ،  والشافعي  ، وإسحاق  ،  وأبي ثور  ، وأصحاب الرأي . وقال  علقمة  ،  والنخعي  ، والشعبي    : من فاته جمع فاته الحج ; لقول الله تعالى : { فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام    } . وقول النبي صلى الله عليه وسلم : { من شهد صلاتنا هذه ، ووقف معنا حتى ندفع ، وقد وقف بعرفة  قبل ذلك ليلا أو نهارا ، فقد تم حجه ، وقضى تفثه   } . 
ولنا ، قول النبي صلى الله عليه وسلم : { الحج عرفة  ، فمن جاء قبل ليلة جمع  فقد تم حجه   } . يعني من جاء عرفة    . وما احتجوا به من الآية والخبر ، فالمنطوق به فيهما ليس بركن في الحج إجماعا ، فإنه لو بات بجمع  ، ولم يذكر الله تعالى ، ولم يشهد الصلاة فيها ، صح حجه ، فما هو من ضرورة ذلك أولى ، ولأن المبيت ليس من ضرورة ذكر الله تعالى بها ، وكذلك شهود صلاة الفجر ، فإنه لو أفاض من عرفة  في آخر ليلة النحر ، أمكنه ذلك ، فيتعين حمل ذلك على مجرد الإيجاب ، أو الفضيلة أو الاستحباب . 
( 2527 ) فصل : ومن بات بمزدلفة  ، لم يجز له الدفع قبل نصف الليل  ، فإن دفع بعده ، فلا شيء عليه . وبهذا قال  الشافعي    . وقال  مالك    : إن مر بها ولم ينزل ، فعليه دم ، فإن نزل ، فلا دم عليه متى ما شاء دفع . 
ولنا ، { أن النبي صلى الله عليه وسلم بات بها ، وقال : خذوا عني مناسككم   } . وإنما أبيح الدفع بعد نصف الليل بما ورد من الرخصة فيه ، فروى  ابن عباس  ، قال : كنت في من قدم النبي صلى الله عليه وسلم في ضعفة أهله من مزدلفة  إلى منى    . وعن أسماء  ، أنها نزلت ليلة جمع عند دار المزدلفة  ، فقامت تصلي ، فصلت ، ثم قالت : هل غاب القمر ؟ قلت : نعم . قالت : فارتحلوا . فارتحلنا ، ومضينا حتى رمت الجمرة ، ثم رجعت فصلت الصبح في منزلها ، قلت لها : أي هنتاه ، ما أرانا إلا غلسنا . قالت : كلا يا بني ، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أذن للظعن . متفق عليهما . 
وعن عائشة  قالت : { أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم  بأم سلمة  ليلة النحر ، فرمت الجمرة قبل الفجر ، ثم مضت فأفاضت   } . رواه أبو داود    . فمن دفع من جمع قبل نصف الليل ، ولم يعد في الليل ، فعليه دم ، وإن عاد فيه ، فلا دم عليه ، كالذي دفع من عرفة  نهارا . ومن لم يوافق مزدلفة  إلا في النصف الأخير من الليل ، فلا شيء عليه ; لأنه لم يدرك جزءا من النصف الأول ، فلم يتعلق به حكمه ، كمن أدرك الليل بعرفات دون النهار . والمستحب الاقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم في المبيت إلى أن يصبح ، ثم يقف حتى يسفر . ولا بأس بتقديم الضعفة والنساء ، وممن كان يقدم ضعفة أهله  عبد الرحمن بن عوف  ، وعائشة    . 
وبه قال  عطاء  ،  والثوري  ،  والشافعي  ،  وأبو ثور  ، وأصحاب الرأي . ولا نعلم فيه مخالفا ، ولأن فيه رفقا بهم ، ودفعا لمشقة الزحام عنهم ، واقتداء بفعل نبيهم صلى الله عليه وسلم . 
				
						
						
