( 2673 ) فصل : وإن ، وجب ضمانه ; لأن جملته مضمونة ، فكان بعضه مضمونا كالآدمي ، والأموال ، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { أتلف جزءا من الصيد } . فالجرح أولى بالنهي ، والنهي يقتضي تحريمه . وما كان محرما من الصيد وجب ضمانه كنفسه ، ويضمن بمثله من مثله ، في أحد الوجهين ; لأن ما وجب ضمان جملته بالمثل ، وجب في بعضه مثله ، كالمكيلات . والآخر يجب قيمة مقداره من مثله ; لأن الجزاء يشق إخراجه ، فيمنع إيجابه ، ولهذا عدل الشارع عن إيجاب جزء من بعير في خمس من الإبل إلى إيجاب شاة من غير جنس الإبل . والأول أولى ; لأن المشقة هاهنا غير ثابتة ; لوجود الخيرة له في العدول عن المثل إلى عدله من الطعام أو الصيام ، فينتفي المانع فيثبت مقتضى الأصل . لا ينفر صيدها
وهذا إذا اندمل الصيد ممتنعا ، فإن اندمل غير ممتنع ، ضمنه جميعه ; لأنه عطله ، فصار كالتالف ، ولأنه مفض إلى تلفه ، فصار كالجارح له جرحا يتيقن به موته . وهذا مذهب . ويتخرج أن يضمنه بما نقص ; لأنه لا يضمن ما لم يتلف ، ولم يتلف جميعه ، بدليل ما لو قتله محرم آخر لزمه الجزاء . ومن أصلنا أن على المشتركين جزاء واحدا ، وضمانه بجزاء كامل يفضي إلى إيجاب جزاءين . أبي حنيفة
وإن غاب غير مندمل ، ولم يعلم خبره ، والجراحة موجبة فعليه ضمان جميعه ، كما لو قتله . وإن كانت غير موجبة ، فعليه ضمان ما نقص ، ولا يضمن جميعه ; لأننا لا نعلم حصول التلف بفعله ، فلم يضمن ، كما لو رمى سهما إلى صيد ، فلم يعلم أوقع به أم لا ، وكذلك إن وجده ميتا ، ولم يعلم أمات من الجناية أم من غيرها . ويحتمل أن [ ص: 272 ] يلزمه ضمانه هاهنا ; لأنه وجد سبب إتلافه منه ، ولم يعلم له سبب آخر ، فوجب إحالته على السبب المعلوم ، كما لو وقع في الماء نجاسة ، فوجده متغيرا تغيرا يصلح أن يكون منها ، فإننا نحكم بنجاسته ، وكذلك لو رمى صيدا ، فغاب عن عينه ، ثم وجده ميتا لا أثر به غير سهمه ، حل أكله .
وإن صيرته الجناية غير ممتنع ، فلم يعلم أصار ممتنعا أم لا ، فعليه ضمان جميعه ; لأن الأصل عدم الامتناع .