( 2721 ) مسألة ; قال : ( ولا يأكل من كل واجب إلا من هدي التمتع ) المذهب أنه يأكل من هدي التمتع والقران دون ما سواهما .  نص عليه  أحمد    . ولعل  الخرقي  ترك ذكر القران ; لأنه متعة ، واكتفى بذكر المتعة لأنهما سواء في المعنى ، فإن سببهما غير محظور ، فأشبها هدي التطوع . وهذا قول أصحاب الرأي . 
وعن  أحمد  ، أنه لا يأكل من المنذور وجزاء الصيد ، ويأكل مما سواهما . وهو قول  ابن عمر  ،  وعطاء  ، والحسن  ، وإسحاق    ; لأن جزاء الصيد بدل ، والنذر جعله لله تعالى بخلاف غيرهما . 
وقال ابن أبي موسى    : لا يأكل أيضا من الكفارة ، ويأكل مما سوى هذه الثلاثة . ونحوه مذهب  مالك    ; لأن ما سوى ذلك لم يسمه للمساكين ، ولا مدخل للإطعام فيه ، فأشبه التطوع . وقال  الشافعي    : لا يأكل من واجب ; لأنه هدي وجب بالإحرام ، فلم يجز الأكل منه ، كدم الكفارة . 
ولنا ، أن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم تمتعن معه في حجة الوداع وأدخلت  عائشة  الحج على العمرة ، فصارت قارنة ، ثم ذبح عنهن النبي صلى الله عليه وسلم البقرة ، فأكلن من لحومها . قال  أحمد  قد أكل من البقرة  [ ص: 289 ] أزواج النبي صلى الله عليه وسلم في حديث  عائشة  خاصة . وقالت  عائشة    : إن النبي صلى الله عليه وسلم أمر من لم يكن معه هدي ، إذا طاف بالبيت  ، أن يحل ، فدخل علينا يوم النحر بلحم بقر ، فقلت : ما هذا ؟ فقيل : ذبح النبي صلى الله عليه وسلم عن أزواجه . 
وروى أبو داود  ،  وابن ماجه    { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذبح عن آل محمد  في حجة الوداع بقرة .   } وقال  ابن عمر    {   : تمتع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعمرة إلى الحج ، فساق الهدي من ذي الحليفة    } . متفق عليه . 
وقد ثبت { أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر من كل بدنة ببضعة ، فجعلت في قدر ، فأكل هو  وعلي  من لحمها ، وشربا من مرقها   } . رواه  مسلم  ولأنهما دما نسك ، فأشبها التطوع ، ولا يؤكل من غيرهما ; لأنه يجب بفعل محظور ، فأشبه جزاء الصيد . 
( 2722 ) فصل : فأما هدي التطوع ، وهو ما أوجبه بالتعيين ابتداء ، من غير أن يكون عن واجب في ذمته ، وما نحره تطوعا من غير أن يوجبه ، فيستحب أن يأكل منه    ; لقول الله تعالى : ( فكلوا منها ) . وأقل أحوال الأمر الاستحباب . ولأن النبي صلى الله عليه وسلم أكل من بدنه . 
وقال  جابر    { كنا لا نأكل من بدننا فوق ثلاث فرخص لنا النبي صلى الله عليه وسلم فقال : كلوا وتزودوا . فأكلنا وتزودنا   } . رواه  البخاري    . وإن لم يأكل فلا بأس ; فإن النبي صلى الله عليه وسلم لما نحر البدنات الخمس . قال : { من شاء اقتطع   } . ولم يأكل منهن شيئا . 
والمستحب ، أن يأكل اليسير منها ، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم وله الأكل كثيرا والتزود ، كما جاء في حديث  جابر    . وتجزئه الصدقة باليسير منها ، كما في الأضحية ، فإن أكلها ضمن المشروع للصدقة منها ، كما في الأضحية . 
( 2723 ) فصل : وإن أكل منها ما منع من أكله ، ضمنه بمثله لحما ; لأن الجميع مضمون عليه بمثله حيوانا ، فكذلك أبعاضه . وكذلك إن أعطى الجازر منها شيئا ضمنه بمثله . وإن أطعم غنيا منها ، على سبيل الهدية ، جاز ، كما يجوز له ذلك في الأضحية ; لأن ما ملك أكله ملك هديته . 
وإن باع شيئا منها ، أو أتلفه ، ضمنه بمثله ; لأنه ممنوع من ذلك ، فأشبه عطيته للجازر . وإن أتلف أجنبي منه شيئا ، ضمنه بقيمته ; لأن المتلف من غير ذوات الأمثال ، فلزمته قيمته ، كما لو أتلف لحما لآدمي معين . 
				
						
						
