( 301 ) مسألة : قال : ( ولا يتوضأ الرجل بفضل طهور المرأة إذا خلت بالماء ) اختلفت الرواية عن ، رحمه الله ، في أحمد ، والمشهور عنه : أنه لا يجوز ذلك . وهو قول وضوء الرجل بفضل وضوء المرأة إذا خلت به عبد الله بن سرجس والحسن وغنيم بن قيس وهو قول في الحائض والجنب . قال ابن عمر : قد كرهه غير واحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وأما إذا كان جميعا فلا بأس . أحمد
والثانية ، يجوز الوضوء به للرجال والنساء . اختارها وهو قول أكثر أهل العلم ; لما روى ابن عقيل في صحيحه قال { مسلم ميمونة وقالت ميمونة : اغتسلت من جفنة ، ففضلت فيها فضلة ، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم يغتسل ، فقلت : إني قد اغتسلت منه ، فقال : الماء ليس على جنابة } ولأنه ماء طهور ، جاز للمرأة الوضوء به ، فجاز للرجل كفضل الرجل . : كان النبي صلى الله عليه وسلم يغتسل بفضل وضوء
ووجه الرواية الأولى ما روى الحكم بن عمرو { } . قال أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يتوضأ الرجل بفضل طهور المرأة الترمذي : هذا حديث حسن ورواه ، أبو داود : قال ، وابن ماجه : قال الخطابي محمد بن إسماعيل : خبر الأقرع لا يصح . والصحيح في هذا خبر ، وهو موقوف ، ومن رفعه فقد أخطأ . قلنا : قد رواه عبد الله بن سرجس ، واحتج به ، وهذا يقدم على التضعيف ; لاحتمال أن يكون قد روي من وجه صحيح خفي على من ضعفه أحمد
، وأيضا [ ص: 137 ] فإنه قول جماعة من الصحابة ، قال : أكثر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولون : إذا خلت بالماء فلا يتوضأ منه . فأما حديث أحمد ميمونة فقد قال : أنفيه ; لحال أحمد ، ليس أحد يرويه غيره . وقال : هذا فيه اختلاف شديد ، بعضهم يرفعه ، وبعضهم لا يرفعه . سماك
ولأنه يحتمل أنها لم تخل به ، فيجعل عليه ، جمعا بين الخبرين .
( 302 ) فصل : واختلف أصحابنا في به ، فقال تفسير الخلوة الشريف أبو جعفر قولا يدل على أن الخلوة هي أن لا يحضرها من لا تحصل الخلوة في النكاح بحضوره ، سواء كان رجلا ، أو امرأة ، أو صبيا عاقلا ; لأنها إحدى الخلوتين ، فنافاها حضور أحد هؤلاء كالأخرى . وقال : هي أن لا يشاهدها رجل مسلم ، فإن شاهدها صبي أو امرأة أو رجل كافر ، لم تخرج بحضورهم عن الخلوة . وذهب بعض الأصحاب إلى أن الخلوة استعمالها للماء من غير مشاركة الرجل في استعماله ; لأن القاضي قال : إذا خلت به فلا يعجبني أن يغتسل هو به . أحمد
وإذا شرعا فيه جميعا فلا بأس به ; لقول : اغتسلا جميعا ; هو هكذا ، وأنت هكذا - قال عبد الله بن سرجس عبد الواحد في إشارته : كان الإناء بينهما - وإذا خلت به فلا تقربنه رواه . وقد { الأثرم تغتسل هي ورسول الله صلى الله عليه وسلم من إناء واحد ، يغترفان منه جميعا عائشة } . متفق عليه ، فيخص بهذا عموم النهي وبقينا فيما عداه على العموم . كانت
( 303 ) فصل : فإن خلت به في بعض أعضائها ، أو في تجديد طهارة ، أو استنجاء ، أو غسل نجاسة ، ففيه وجهان : أحدهما المنع ; لأنه طهارة شرعية . والثاني لا يمنع ; لأن الطهارة المطلقة تنصرف إلى طهارة الحدث الكاملة .
وإن خلت به ذمية في اغتسالها ، ففيه وجهان : أحدهما . هو كخلوة المسلمة ; لأنها أدنى حالا من المسلمة وأبعد من الطهارة ، وقد تعلق بغسلها حكم ، شرعي ، وهو حل وطئها إذا اغتسلت من الحيض وأمرها به إذا كان من جنابة ; والثاني لا يؤثر ; لأن طهارتها لا تصح ، فهي كتبردها . وإن خلت المرأة بالماء في تبردها ، أو تنظيفها ، أو غسل ثوبها من الوسخ ، لم يؤثر ; لأنه ليس بطهارة .
( 304 ) فصل : وإنما تؤثر خلوتها في الماء القليل ، وما بلغ القلتين لا تؤثر خلوتها فيه ; لأن حقيقة النجاسة والحدث لا تؤثر فيه ، فوهم ذلك أولى .
( 305 ) فصل : ومنع الرجل من استعمال فضلة طهور المرأة تعبدي غير معقول المعنى ، نص عليه ولذلك يباح لامرأة سواها التطهر به في طهارة الحدث ، وغسل النجاسة ، وغيرهما ; لأن النهي اختص الرجل ولم يعقل معناه ، فيجب قصره على محل النهي ، وهل يجوز للرجل غسل النجاسة به ؟ فيه وجهان : أحدهما لا يجوز . وهو قول أحمد ; لأنه مانع لا يرفع حدثه ، فلم يزل النجس ، كسائر المائعات . والثاني يجوز . وهو الصحيح ; لأنه ماء يطهر المرأة من الحدث والنجاسة ، ويزيلها من المحال كلها إذا فعلته ، فيزيلها إذا فعله الرجل كسائر المياه ; ولأنه ماء يزيل النجاسة بمباشرة المرأة ، فيزيلها إذا فعله الرجل ، كسائر المياه ، والحديث لا نعقل علته ، فيقتصر على ما ورد به لفظه ، ونحو هذا يحكى عن القاضي ابن أبي موسى والله أعلم .