( 307 ) مسألة : قال : ( وإن ، أجزأه ، بعد أن يتمضمض ويستنشق وينوي به الغسل والوضوء ، وكان تاركا للاختيار ) [ ص: 139 ] هذا المذكور صفة الإجزاء ، والأول هو المختار ; ولذلك قال : " وكان تاركا للاختيار " . يعني إذا اقتصر على هذا أجزأه مع تركه للأفضل والأولى . غسل مرة ، وعم بالماء رأسه وجسده ، ولم يتوضأ
وقوله : " وينوي به الغسل والوضوء " . يعني أنه يجزئه الغسل عنهما إذا نواهما . نص عليه ، وعنه رواية أخرى : لا يجزئه الغسل عن الوضوء ، حتى يأتي به قبل الغسل أو بعده . وهو أحد قولي أحمد ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم فعل ذلك ; ولأن الجنابة والحدث وجدا منه ، فوجبت لهما الطهارتان ، كما لو كانا مفردين . ولنا قول الله تعالى : { الشافعي لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون ولا جنبا إلا عابري سبيل حتى تغتسلوا } . جعل الغسل غاية للمنع من الصلاة ، فإذا اغتسل يجب أن لا يمنع منها ; ولأنهما عبادتان من جنس واحد ، فتدخل الصغرى في الكبرى ، كالعمرة في الحج .
قال : المغتسل من الجنابة إذا لم يتوضأ وعم جميع جسده ، فقد أدى ما عليه ; لأن الله تعالى إنما افترض على الجنب الغسل من الجنابة ، دون الوضوء ، بقوله { ابن عبد البر : وإن كنتم جنبا فاطهروا } . وهو إجماع لا خلاف فيه بين العلماء ، إلا أنهم أجمعوا على استحباب الوضوء قبل الغسل ، تأسيا برسول الله صلى الله عليه وسلم ; ولأنه أعون على الغسل ، وأهذب فيه . وروى بإسناده ، عن ، قالت : { عائشة } . كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يتوضأ بعد الغسل من الجنابة . فإن لم ينو الوضوء لم يجزه إلا عن الغسل . فإن نواهما ثم أحدث في أثناء غسله ، أتم غسله ، ويتوضأ
وبهذا قال عطاء وعمرو بن دينار . ويشبه مذهب والثوري . وقال الشافعي الحسن : يستأنف الغسل . ولا يصح ; لأن الحدث لا ينافي الغسل ، فلا يؤثر وجوده فيه ، كغير الحدث .