( 2916 ) مسألة : قال : والحصاد على المشتري . فإن شرطه على البائع  بطل البيع الكلام في هذه المسألة في فصلين : 
( 2917 ) الفصل الأول ، أن من اشترى زرعا ، أو جزة من الرطبة ونحوها ، أو ثمرة في أصولها  ، فإن حصاد الزرع ، وجذ الرطبة ، وجزاز الثمرة ، وقطعها ، على المشتري ; لأن نقل المبيع ، وتفريغ ملك البائع منه على المشتري ، كنقل الطعام المبيع من دار البائع . ويفارق الكيل ، والوزن ، فإنهما على البائع ; لأنهما من مؤنة التسليم إلى المشتري ، والتسليم على البائع ، وها هنا حصل التسليم بالتخلية بدون القطع ، بدليل جواز بيعها ، والتصرف فيها . وهذا مذهب  أبي حنيفة  ،  والشافعي    . ولا أعلم فيه مخالفا . 
( 2918 ) الفصل الثاني ، إذا شرطه على البائع ، فاختلف أصحابنا ; فقال  الخرقي    : يبطل البيع . وقال ابن أبي موسى    : لا يجوز . وقيل : يجوز . فإن قلنا : لا يجوز . فهل يبطل البيع لبطلان الشرط ؟ على روايتين . وقال  القاضي    : المذهب جواز الشرط . ذكره ابن حامد  ، وأبو بكر    . ولم أجد هذا الذي ذكره  الخرقي  رواية في المذهب . 
واختلف أصحاب  الشافعي  أيضا ; فقال بعضهم : إذا شرط الحصاد على البائع  فسد البيع ، قولا واحدا . وقال  [ ص: 80 ] بعضهم : يكون على قولين . فمن أفسد قال : لا يصح لثلاثة معان ; أحدها ، أنه شرط العمل في الزرع قبل أن يملكه . والثاني ، أنه شرط ما لا يقتضيه العقد . والثالث ، أنه شرط تأخير التسليم ; لأن معنى ذلك تسليمه مقطوعا . ومن أجازه قال : هذا بيع ، وإجارة ; لأنه باعه الزرع ، وآجره نفسه على حصاده ، وكل واحد منهما يصح إفراده بالعقد ، فإذا جمعهما جاز ، كالعينين . 
وقولهم : شرط العمل فيما لا يملكه . يبطل بشرط رهن المبيع على الثمن في البيع . والثاني ، يبطل بشرط الرهن ، والكفيل ، والخيار . والثالث ، ليس بتأخير ; لأنه يمكنه تسليمه قائما ، ولأن الشرط من المتسلم ، فليس ذلك بتأخير التسليم . فإذا فسدت هذه المعاني صح ; لما ذكرناه . فإن قيل : فالبيع يخالف حكمه حكم الإجارة ; لأن الضمان ينتقل في البيع بتسليم العين ، بخلاف الإجارة ، فكيف يصح الجمع بينهما ؟ قلنا : كما يصح بيع الشقص ، والسيف  ، وحكمهما مختلف ; فإن الشفعة تثبت في الشقص دون السيف ، ويجوز الجمع بينهما . وقول  الخرقي    : إن العقد هاهنا يبطل . يحتمل أن يختص بهذه المسألة وشبهها ، مما يفضي الشرط فيه إلى التنازع ، فإن البائع ربما أراد قطعها من أعلاها ، ليبقى له منها بقية ، والمشتري يريد الاستقصاء عليها ، ليزيد له ما يأخذه ، فيفضي إلى التنازع ، وهو مفسدة ، فيبطل البيع من أجله . 
ويحتمل أن يقاس عليه ما أشبهه ، من اشتراط منفعة البائع في المبيع ; لما ذكرنا في صدر المسألة . والأول أولى لوجهين ; أحدهما ، أنه قال في موضع آخر : ولا يبطل البيع بشرط واحد . والثاني ، أن المذهب ، أنه يصح اشتراط منفعة البائع في المبيع  ، مثل أن يشتري ثوبا ، ويشترط على بائعه خياطته قميصا ، أو قلعة  ، ويشترط حذوها نعلا ، أو جرزة حطب ، ويشترط حملها إلى موضع معلوم . نص عليه  أحمد  ، في رواية مهنا  ، وغيره . حتى قال  القاضي    : لم أجد بما قال  الخرقي  رواية في أنه لا يصح . 
واحتج  أحمد  بأن  محمد بن مسلمة  اشترى من نبطي جرزة حطب ، وشارطه على حملها . وبه قال إسحاق  ،  وأبو عبيد    . وقال  أبو حنيفة    : يجوز أن يشتري قلعة ، ويشترط على البائع تشريكها . وحكي عن  أبي ثور  ،  والثوري  أنهما أبطلا العقد بهذا الشرط ; لأنه شرط فاسد ، فأشبه سائر الشروط الفاسدة ، وروي { عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن بيع ، وشرط   } . ولنا ، ما تقدم ، ولم يصح أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع ، وشرط . 
إنما الصحيح { أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن شرطين في بيع .   } كذا ذكره الترمذي    . وهذا دال بمفهومه على جواز الشرط الواحد . قال  أحمد    : إنما النهي عن شرطين في بيع  ، أما الشرط الواحد فلا بأس به . 
				
						
						
