( 2960 ) مسألة ; قال : ( والشركة فيه والتولية والحوالة به كالبيع ) . وجملته ، أن . وبهذا قال ما يحتاج إلى القبض لا تجوز الشركة فيه ، ولا توليته ، ولا الحوالة به قبل قبضه أبو حنيفة . وقال والشافعي : يجوز هذا كله في الطعام قبل قبضه ; لأنها تختص بمثل الثمن ، الأول ، فجازت قبل القبض ، كالإقالة . مالك
ولنا ، أن هذه أنواع بيع ، فتدخل في عموم النهي عن بيع الطعام قبل أن يستوفيه ، فإن الشركة بيع بعض المبيع بقسطه من ثمنه ، والتولية بيع جميعه بمثل ثمنه . ولأنه تمليك لغير من هو في ذمته ، فأشبه البيع . وفارق الإقالة ، فإنها فسخ للبيع ، فأشبهت الرد بالعيب . وكذلك لا تصح هبته ولا رهنه ولا دفعه أجرة ، ولا ما أشبه ذلك من التصرفات المفتقرة إلى القبض ; لأنه غير مقبوض ، فلا سبيل إلى إقباضه .
( 2961 ) فصل : وأما فجائزان ; لأنهما نوعان من أنواع البيع ، وإنما اختصا [ ص: 94 ] بأسماء ، كما اختص بيع المرابحة والمواضعة بأسماء . فإذا اشترى شيئا فقال له رجل : أشركني في نصفه بنصف الثمن . فقال : أشركتك . صح ، وصار مشتركا بينهما . التولية والشركة فيما يجوز بيعه
وإن قال : ولني ما اشتريته بالثمن فقال : وليتك . صح ، إذا كان الثمن معلوما لهما . فإن جهله أحدهما ، لم يصح ، كما لو باعه بالرقم . ولو قال : أشركني فيه . أو قال : الشركة فيه . فقال : أشركتك . أو قال : ولني ما اشتريت . ولم يذكر الثمن ، صح إذا كان الثمن معلوما ; لأن الشركة تقتضي ابتياع جزء منه بقسطه من الثمن ، والتولية ابتياعه بمثل الثمن ، فإذا أطلق اسمه انصرف إليه ، كما لو قال : أقلني . فقال : أقلتك . وفي حديث عن ، { زهرة بن معبد عبد الله بن هشام إلى السوق ، فيشتري الطعام ، فيلقاه ابن عمر ، فيقولان له : أشركنا ; فإن النبي صلى الله عليه وسلم دعا لك بالبركة . فيشركهم ، فربما أصاب الراحلة كما هي ، فيبعث بها إلى المنزل . وابن الزبير } ذكره أنه كان يخرج به . البخاري
ولو اشترى شيئا ، فقال له رجل : أشركني فأشركه انصرف إلى نصفه ; لأنها بإطلاقها تقتضي التسوية . فإن . احتمل أن يكون له النصف ; لأن اشتراكهما لو كان من كل واحد منهما منفردا كان له النصف ، فكذلك حال الاجتماع . ويحتمل أن يكون له الثلث ; لأن الاشتراك يفيد التساوي ، ولا يحصل التساوي إلا بجعله بينهم أثلاثا . وهذا أصح ; لأن إشراك الواحد إنما اقتضى النصف ; لحصول التسوية به . اشترى اثنان عبدا فاشتركا فيه ، فقال لهما رجل : أشركاني فيه . فقالا : أشركناك
وإن شركه كل واحد منهما منفردا ، كان له النصف ، ولكل واحد منهما الربع . وإن قال : أشركاني فيه . فشركه أحدهما ، فعلى الوجه الأول يكون له نصف حصة الذي شركه وهو الربع ، وعلى الآخر له السدس ; لأن طلب الشركة منهما يقتضي طلب ثلث ما في يد كل واحد منهما ; ليكون مساويا لهما . فإذا أجابه أحدهما ثبت له الملك فيما طلب منه . وإن قال له أحدهما : أشركناك . انبنى على تصرف الفضولي . فإن قلنا : يقف على الإجازة من صاحبه . فأجازه ، فهل يثبت له الملك في نصفه أو في ثلثه ؟ على الوجهين
ولو قال لأحدهما : أشركني في نصف هذا العبد فأشركه ، فإن قلنا : يقف على الإجازة من صاحبه ، فأجازه . فله نصف العبد ، ولهما نصفه ، وإلا فله نصف حصة الذي شركه . وإن اشترى عبدا فلقيه رجل ، فقال : أشركني في هذا العبد . فقال : قد أشركتك . فله نصفه . فإن لقيه آخر فقال : أشركني في هذا العبد . وكان عالما بشركة الأول ، فله ربع العبد ، وهو نصف حصة الذي شركه ; لأن طلبه للإشراك رجع إلى ما ملكه المشارك . وهو النصف ، فيكون بينهما .
وإن لم يعلم بشركة الأول ، فهو طالب لنصف العبد ; لاعتقاده أن العبد كله لهذا الذي طلب منه المشاركة . فإذا قال له : أشركتك فيه . احتمل ثلاثة أوجه : أحدها ، أن يصير له نصف العبد كله ، ولا يبقى للذي شركه شيء ; لأنه طلب منه نصف العبد ، فأجابه إلى ذلك . فصار كأنه قال له : بعني نصف هذا العبد ، فقال : بعتك . وهذا قول . الثاني ، أن ينصرف قوله : أشركتك فيه . إلى نصف نصيبه ، ونصف نصيب شريكه ، فينفذ في نصف نصيبه ، ويقف في الزائد على إجازة صاحبه على إحدى الروايتين ; لأن لفظ الشركة يقتضي بيع بعض نصيبه ، ومساواة المشتري له . القاضي
فلو باع جميع نصيبه ، لم يكن شركة ، ولا يستحق فيه ما طلب منه . والثالث : أن لا يكون للثاني إلا الربع بكل حال ; لأن الشركة إنما تثبت بقول البائع : أشركتك . لأن ذلك هو الإيجاب الناقل للملك ، وهو عالم [ ص: 95 ] أنه ليس له إلا نصف العبد ، فينصرف إيجابه إلى نصف ملكه . وعلى هذين الوجهين ، لطالب الشركة الخيار ; لأنه إنما طلب النصف ، فلم يحصل له جميعه ، إلا أن نقول بوقوفه على الإجازة . في الوجه الثاني ، فيجيزه الآخر . ويحتمل أن لا تصح الشركة أصلا ; لأنه طلب شراء النصف ، فأجيب في الربع ، فصار بمنزلة ما لو قال : بعني نصف هذا العبد ، قال : بعتك ربعه .