( 2971 ) فصل : وإن ، فالبيع صحيح . فإن قبضه باكتياله ، تم البيع والقبض ، وإن قبضه بغير كيل ، كان بمنزلة قبضه جزافا . فإن كان المبيع باقيا ، كاله عليه ، فإن كان قدر حقه الذي أخبره به ، فقد استوفاه ، وإن كان زائدا رد الفضل ، وإن كان ناقصا أخذ النقص ، وإن كان قد تلف فالقول قول القابض في قدره مع يمينه ، سواء كان النقص قليلا أو كثيرا ; لأن الأصل عدم القبض ، وبقاء الحق ، وليس للمشتري التصرف في الجميع قبل كيله ; لأن للبائع فيه علقة ، فإنه لو زاد كانت الزيادة له ، ولا يتصرف في أقل من حقه ، بغير كيل لأن ذلك يمنعه من معرفة كيله . أخبره البائع بكيله ، ثم باعه بذلك الكيل
وإن تصرف فيما يتحقق أنه مستحق له ، مثل أن يكون حقه قفيزا ، فتصرف في ذلك ، أو في أقل منه ، بالكيل ، ففيه وجهان ; أحدهما له ذلك ; لأنه تصرف [ ص: 99 ] في حقه بعد قبضه ، فجاز ، كما لو كيل له . والثاني ، لا يجوز ; لأنه لا يجوز له التصرف في الجميع فلم يجز له التصرف في البعض ، كما قبل القبض . وإن قبضه بالوزن ، فهو كما لو قبضه جزافا . فأما إن أعلمه بكيله ، ثم باعه إياه مجازفة ، على أنه له بذلك الثمن ، سواء كان زائدا أو ناقصا ، لم يجز ; لما روى بإسناده ، عن الأثرم الحكم ، قال { لعثمان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : اذهبوا بنا إلى عثمان ، نعينه على طعامه . فقام إلى جنبه فقال عثمان : في هذه الغرارة كذا وكذا ، وابتعتها بكذا وكذا . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سميت الكيل فكل } . : قدم طعام
قال : إذا أخبره البائع أن في كل قارورة منا ، فأخذ بذلك ، ولا يكتاله ، فلا يعجبني ; لقوله أحمد لعثمان : " إذا سميت الكيل فكل " قيل له : إنهم يقولون : إذا فتح فسد . قال : فلم لا تفتحون واحدا وتزنون الباقي ؟ ( 2972 ) فصلعلى روايتين ، نص عليهما . إحداهما ، لا يحتاج إلى كيل ; لأنه شاهد كيله ، فأشبه ما لو كيل له . والثانية ، يحتاج إلى كيل ; لأنه بيع ، فاحتاج إلى كيل ; للأخبار ، والقياس على البيع الأول . ولو كاله البائع للمشتري ، ثم اشتراه منه ، فكذلك ; لما ذكرنا في التي قبلها . : ولو كال طعاما ، وآخر ينظر إليه ، فهل لمن شاهد الكيل شراؤه بغير كيل ثان ؟
ولو ، فقال اشترى اثنان طعاما ، فاكتالاه ، ثم ابتاع أحدهما حصة شريكه قبل تفرقهما ، في رواية أحمد حرب : إذا اشتريا غلة أو نحوها ، وحضراها جميعا ، وعرفا كيلها ، فقال أحدهما لشريكه : بعني نصيبك ، وأربحك ، فهو جائز . وإن لم يحضر هذا المشتري الكيل ، فلا يجوز إلا بكيل . قال ابن أبي موسى : وفيه رواية أخرى ، لا بد من كيله . ووجهها ما تقدم . قال : ومعنى الكيل في هذه المسائل ، أنه يرجع في قدره إلى قول القابض ، إذا كان النقص يسيرا يقع مثله في الكيل ، فالقول قوله مع يمينه ، وإن كان لا يقع مثله في الكيل لم يقبل قوله ; لأنا نتحقق كذبه ، بخلاف مسائل الفصل الذي قبله ; لأنه لم يكل بحضرته . والظاهر . أنه أراد بالكيل حقيقته دون ما ذكره القاضي . وفائدة اعتبار الكيل ، ما ذكره القاضي ، وأنه لا يجوز للمشتري التصرف فيه ، إلا ما ذكرنا في الفصل الذي قبله . القاضي
وإن باعه للثاني في هذه المواضع على أنه صبرة ، جاز ، ولم يفتقر إلى كيل ثان ، والقبض فيه بنقله ، كسائر الصبر .