( 3000 ) فصل : خيار الرد بالعيب على التراخي  ، فمتى علم العيب ، فأخر الرد ، لم يبطل خياره ، حتى يوجد منه ما يدل على الرضا . ذكره  أبو الخطاب    . وذكر  القاضي  شيئا يدل على أن فيه روايتين ; إحداهما ، هو على التراخي . والثانية ، هو على الفور . وهو مذهب  الشافعي  ، فمتى علم العيب ، فأخر رده مع إمكانه ، بطل خياره ; لأنه يدل على الرضا به ، فأسقط خياره ، كالتصرف فيه . 
ولنا ، أنه خيار لدفع ضرر متحقق ، فكان على التراخي ، كالقصاص ، ولا نسلم دلالة الإمساك على الرضا به . ( 3001 ) الفصل الثالث ، أنه لا يخلو المبيع من أن يكون بحاله ، فإنه يرده ويأخذ رأس ماله ، أو يكون قد زاد بعد العقد ، أو جعلت له فائدة ، فذلك قسمان : أحدهما ، أن تكون الزيادة متصلة ، كالسمن ، والكبر ، والتعلم ، والحمل قبل الوضع ، والثمرة قبل التأبير ، فإنه يردها بنمائها ; لأنه يتبع في العقود والفسوخ . القسم الثاني ، أن تكون الزيادة منفصلة ، وهي نوعان ; أحدهما ، أن تكون الزيادة من غير عين المبيع ، كالكسب ، وهو معنى قوله : " أو استغلها " . يعني أخذ غلتها ، وهي منافعها الحاصلة من جهتها ، كالخدمة ، والأجرة ، والكسب ، وكذلك ما يوهب أو يوصى له به ، فكل ذلك للمشتري في مقابلة ضمانه ; لأن العبد لو هلك هلك من مال المشتري ، وهو معنى قوله عليه السلام {   : الخراج بالضمان   } . ولا نعلم في هذا خلافا . وقد روى  ابن ماجه  ، عن  هشام بن عمار  ، عن مسلم بن خالد  ، عن  هشام بن عروة  ، عن أبيه ، عن  عائشة  رضي الله عنها { ، أن رجلا اشترى عبدا ، فاستغله ما شاء الله ، ثم وجد به عيبا فرده ، فقال : يا رسول الله إنه استغل غلامي ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الخراج بالضمان   } . ورواه أبو داود   والشافعي  ، ورواه سعيد  في " سننه " عن  مسلم  ، بهذا الإسناد ، وقال فيه {   : الغلة بالضمان   } . وبهذا قال  أبو حنيفة  ،  ومالك  ،  والشافعي  ، ولا نعلم عن غيرهم خلافهم . 
النوع الثاني ، أن تكون الزيادة من عين المبيع ، كالولد ، والثمرة ، واللبن ، فهي للمشتري أيضا ، ويرد الأصل دونها . وبهذا قال  الشافعي    . وقال  مالك    : إن كان النماء ثمرة لم يردها ، وإن كان ولدا رده معها ; لأن الرد حكم ، فسرى إلى ولدها كالكتابة . وقال  أبو حنيفة    : النماء الحادث في يد المشتري يمنع الرد ; لأنه لا يمكن رد الأصل بدونه ، لأنه من موجبه ، فلا يرفع العقد مع بقاء موجبه ، ولا يمكن رده معه ; لأنه لم يتناوله العقد . 
ولنا ، أنه حادث في ملك المشتري ، فلم يمنع الرد ، كما لو كان في يد البائع ، وكالكسب . ولأنه نماء منفصل ، فجاز رد الأصل بدونه ، كالكسب والثمرة عند  مالك    . وقولهم : إن النماء موجب العقد . غير صحيح ، إنما موجبه الملك ، ولو كان موجبا للعقد لعاد إلى البائع بالفسخ . وقول  مالك  لا يصح ; لأن الولد ليس بمبيع ، فلا يمكن رده بحكم رد الأم . ويبطل ما ذكره بنقل الملك بالهبة ، والبيع ، وغيرهما ، فإنه لا يسري إلى الولد بوجوده في الأم وإن كان قد نقص ، فهذا نذكر حكمه ، إن شاء الله تعالى . 
				
						
						
