( 3113 ) مسألة ; قال : ( وبيع العصير ممن يتخذه خمرا باطل ) وجملة ذلك ; أن بيع العصير لمن يعتقد أنه يتخذه خمرا  محرم . وكرهه  الشافعي  ، وذكر بعض أصحابه أن البائع إذا اعتقد أنه يعصرها خمرا ، فهو محرم ، وأنما يكره إذا شك فيه . وحكى  ابن المنذر  عن الحسن   وعطاء   والثوري  أنه لا بأس ببيع التمر لمن يتخذه مسكرا    . قال  الثوري  بع الحلال ممن شئت . واحتج لهم بقول الله تعالى : { وأحل الله البيع    } ولأن البيع تم بأركانه وشروطه . ولنا ، قول الله تعالى { ولا تعاونوا على الإثم والعدوان    } وهذا نهي يقتضي التحريم وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه لعن في الخمر عشرة . 
فروى  ابن عباس    { أن النبي صلى الله عليه وسلم أتاه جبريل  فقال : يا محمد  إن الله لعن الخمر ، وعاصرها ، ومعتصرها ، وحاملها ، والمحمولة إليه ، وشاربها وبائعها ، ومبتاعها ، وساقيها   } . وأشار إلى كل معاون عليها ، ومساعد فيها أخرج هذا الحديث الترمذي  ، من حديث  أنس  وقال : قد روي هذا الحديث عن  ابن عباس  ،  وابن عمر  ، عن النبي صلى الله عليه وسلم وروى  ابن بطة  في تحريم النبيذ ، بإسناده ، عن  محمد بن سيرين  أن قيما كان  لسعد بن أبي وقاص  في أرض له ، فأخبره عن عنب أنه لا يصلح زبيبا ، ولا يصلح أن يباع إلا لمن يعصره ، فأمر بقلعه ، وقال : بئس الشيخ أنا إن بعت الخمر ولأنه يعقد عليها لمن يعلم أنه يريدها للمعصية ، فأشبه إجارة أمته لمن يعلم أنه يستأجرها ليزني بها . والآية مخصوصة بصور كثيرة ، فيخص منها محل النزاع بدليلنا . 
وقولهم : تم البيع  [ ص: 155 ] بشروطه وأركانه . قلنا : لكن وجد المانع منه . إذا ثبت هذا ، فإنما يحرم البيع ويبطل ، إذا علم البائع قصد المشتري ذلك ، إما بقوله ، وإما بقرائن مختصة به ، تدل على ذلك . فأما إن كان الأمر محتملا ، مثل أن يشتريها من لا يعلم ، أو من يعمل الخل والخمر معا ، ولم يلفظ بما يدل على إرادة الخمر ، فالبيع جائز . وإذا ثبت التحريم ، فالبيع باطل ، ويحتمل أن يصح ، وهو مذهب  الشافعي    ; لأن المحرم في ذلك اعتقاده بالعقد دونه ، فلم يمنع صحة العقد ، كما لو دلس العيب . 
ولنا ، أنه عقد على عين لمعصية الله بها ، فلم يصح ، كإجارة الأمة للزنى والغناء . وأما التدليس ، فهو المحرم ، دون العقد . ولأن التحريم هاهنا لحق الله تعالى ، فأفسد العقد ، كبيع درهم بدرهمين ، ويفارق التدليس ، فإنه لحق آدمي . 
				
						
						
