( 3490 ) [ ص: 307 ] مسألة ; قال : ( وإن أقر بدين ، لم يلزمه في حال حجره ) وجملته أن ، لم يقبل إقراره به ; لأنه محجور عليه لحظه ، فلم يصح إقراره بالمال ، كالصبي والمجنون . ولأنا لو قبلنا إقراره في ماله ، لزال معنى الحجر ; لأنه يتصرف في ماله ، ثم يقر به ، فيأخذه المقر له . السفيه إذا أقر بمال ، كالدين ، أو بما يوجبه ، كجناية الخطإ وشبه العمد ، وإتلاف المال ، وغصبه ، وسرقته
ولأنه أقر بما هو ممنوع من التصرف فيه ، فلم ينفذ كإقرار الراهن على الرهن ، والمفلس على المال . ومقتضى قول ، أنه يلزمه ما أقر به بعد فك الحجر عنه . وهو الظاهر من قول أصحابنا ، وقول الخرقي ; لأنه مكلف أقر بما لا يلزمه في الحال فلزمه بعد فك الحجر عنه ، كالعبد يقر بدين والراهن يقر على الرهن ، والمفلس على المال . ويحتمل أن لا يصح إقراره ، ولا يؤخذ به في الحكم بحال ، وهذا مذهب أبي ثور لأنه محجور عليه ، لعدم رشده ، فلم يلزمه حكم إقراره بعد فك الحجر عنه ، كالصبي والمجنون . الشافعي
ولأن المنع من نفوذ إقراره في الحال ، إنما ثبت لحفظ ماله عليه ، ودفع الضرر عنه ، فلو نفذ بعد فك الحجر ، لم يفد إلا تأخير الضرر عليه إلى أكمل حالتيه . وفارق المحجور عليه لحق غيره ، فإن المانع تعلق حق الغير بماله ، فيزول المانع بزوال الحق عن ماله ، فيثبت مقتضى إقراره . وفي مسألتنا انتفى الحكم لخلل في الإقرار . فلم يثبت كونه سببا ، وبزوال الحجر لم يكمل السبب ، فلا يثبت الحكم مع اختلاف السبب ، كما لم يثبت قبل فك الحجر .
ولأن الحجر لحق الغير لم يمنع تصرفهم في ذممهم فأمكن تصحيح إقرارهم في ذممهم على وجه لا يضر بغيرهم ، بأن يلزمهم بعد زوال حق غيرهم والحجر هاهنا لحظ نفسه ، من أجل ضعف عقله ، وسوء تصرفه ، ولا يندفع الضرر إلا بإبطال إقراره بالكلية ، كالصبي والمجنون .
فأما صحته فيما بينه وبين الله تعالى ، فإن علم صحة ما أقر به ، كدين لزمه من جناية ، أو دين لزمه قبل الحجر عليه ، فعليه أداؤه ; لأنه علم أن عليه حقا ، فلزمه أداؤه ، كما لو لم يقر به . وإن علم فساد إقراره ، مثل أن علم أنه أقر بدين ولا دين عليه ، أو بجناية لم توجد منه ، أو أقر بما لا يلزمه ، مثل إن أتلف مال من دفعه إليه بقرض أو بيع ، لم يلزمه أداؤه ; لأنه يعلم أنه لا دين عليه ، فلم يلزمه شيء ، كما لو لم يقر به .