الحال الرابعة ، فإن كان بغير جعل ، فالقول قول الوكيل ; لأنه قبض المال لنفع مالكه ، فكان القول قوله ، كالمودع ، وإن كان بجعل ، ففيه وجهان ; أحدهما ، أن القول قوله ; لأنه وكيل ، فكان القول قوله ، كالأول . والثاني ، لا يقبل قوله ; لأنه قبض المال لنفع نفسه ، فلم يقبل قوله في الرد كالمستعير وسواء اختلفا في رد العين ، أو رد ثمنها . وجملة الأمناء على ضربين ; أحدهما ، من قبض المال لنفع مالكه لا غير ، كالمودع والوكيل بغير جعل ، فيقبل قولهم في الرد ; لأنه لو لم يقبل قولهم لامتنع الناس من قبول هذه الأمانات ، فيلحق الناس الضرر . الثاني ، من ينتفع بقبض الأمانة ، كالوكيل بجعل ، والمضارب ، والأجير المشترك ، والمستأجر ، والمرتهن ، ففيهم وجهان . ذكرهما ، أن يختلفا في الرد ، فيدعيه الوكيل ، فينكره الموكل . أبو الخطاب
وقال : لا يقبل قول المرتهن والمستأجر والمضارب في الرد ; لأن القاضي نص عليه في المضارب ، في رواية أحمد ابن منصور ، ولأن من قبض المال لنفع نفسه ، لا يقبل قوله في الرد . ولو ، لم يقبل قوله ; لأن خيانته قد ثبتت بجحده . فإن أقام بينة بما ادعاه من الرد أو التلف ، فهل تقبل بينته ؟ على وجهين ; أحدهما ، لا تقبل ; لأنه كذبها بجحده ، فإن قوله : ما قبضت . يتضمن أنه لم يرد شيئا . أنكر الوكيل قبض المال ، ثم ثبت ذلك ببينة ، أو اعتراف ، فادعى الرد أو التلف
والثاني : تقبل ; لأنه يدعي الرد والتلف قبل وجود خيانته . وإن كان جحوده أنك لا تستحق علي شيئا ، أو ما لك عندي شيء ، سمع قوله مع يمينه ; لأن جوابه لا يكذب ذلك ، فإنه إذا كان قد تلف أو رد ، فليس له عنده شيء . فلا تنافي بين القولين ، إلا أن يدعي أنه رده أو تلف بعد قوله : ما لك عندي شيء . فلا يسمع قوله أيضا ; لثبوت كذبه وخيانته .