( 4298 ) فصل : ويجوز أن يستأجر كحالا ليكحل عينه    ; لأنه عمل جائز ، ويمكن تسليمه ، ويحتاج أن يقدر ذلك بالمدة ; لأن العمل غير مضبوط ، فيقدر به ، ويحتاج إلى بيان قدر ما يكحله مرة في كل يوم أو مرتين . فأما إن قدرها بالبرء ، فقال  القاضي    : لا يجوز ; لأنه غير معلوم . وقال ابن أبي موسى    : لا بأس بمشارطة الطبيب على البرء    ; لأن  أبا سعيد  حين رقى الرجل ، شارطه على البرء 
والصحيح إن شاء الله أن هذا يجوز ، لكن يكون جعالة لا إجارة ، فإن الإجارة لا بد فيها من مدة ، أو عمل معلوم ، فأما الجعالة ، فتجوز على عمل مجهول ، كرد اللقطة والآبق ، وحديث  أبي سعيد  في الرقية إنما كان جعالة ، فيجوز هاهنا مثله . إذا ثبت هذا ، فإن الكحل إن كان من العليل جاز ; لأن آلات العمل تكون من المستأجر ، كاللبن في البناء والطين والآجر ونحوها . وإن شارطه على الكحل ، جاز . وقال  القاضي    : يحتمل أن لا يجوز ; لأن الأعيان لا تملك بعقد الإجارة ، فلا يصح اشتراطه على العامل ، كلبن الحائط 
ولنا أن العادة جارية به ، ويشق على العليل تحصيله ، وقد يعجز عنه بالكلية ، فجاز ذلك ، كالصبغ من الصباغ ، واللبن في الرضاع ، والحبر والأقلام من الوراق . وما ذكروه ينتقض بهذه الأصول . وفارق لبن الحائط ; لأن العادة تحصيل المستأجر له ، ولا يشق ذلك ، بخلاف مسألتنا . وقال أصحاب  مالك    : يجوز أن يستأجره ليبني له حائطا والآجر من عنده    ; لأنه اشترط ما تتم به الصنعة التي عقد عليها ، فإذا كان مباحا معروفا ، جاز ،  [ ص: 315 ] كما لو استأجره ليصبغ ثوبا ، والصبغ من عنده 
ولنا أن عقد الإجارة عقد على المنفعة ، فإذا شرط فيه بيع العين ، صار كبيعتين في بيعة . ويفارق الصبغ ، وما ذكرنا من الصورة التي جاز فيها ذلك ، من حيث إن الحاجة داعية إليه ; لأن تحصيل الصبغ يشق على صاحب الثوب ، وقد يكون الصبغ لا يحصل إلا في حيث يحتاج إلى مؤنة كثيرة ، لا يحتاج إليها في صبغ هذا الثوب ، فجاز لمسيس الحاجة إليه ، بخلاف مسألتنا . 
				
						
						
