( 4515 ) مسألة قال : ( أو مثلها إن كانت قد استهلكت ) وجملة ذلك أن اللقطة في الحول أمانة في يد الملتقط ، إن تلفت بغير تفريطه أو نقصت  ، فلا ضمان عليه ، كالوديعة . ومتى جاء صاحبها ، فوجدها أخذها بزيادتها المتصلة والمنفصلة ; لأنها نماء ملكه . وإن أتلفها الملتقط ، أو تلفت بتفريطه ، ضمنها بمثلها إن كانت من ذوات الأمثال ، وبقيمتها إن لم يكن لها مثل . لا أعلم في هذا خلافا 
وإن تلفت بعد الحول ، ثبت في ذمته مثلها أو قيمتها بكل حال ; لأنها دخلت في ملكه ، وتلفت من ماله ، وسواء فرط في حفظها أو لم يفرط . وإن وجد العين ناقصة ، وكان نقصها بعد الحول ، أخذ العين وأرش نقصها ; لأن جميعها مضمون إذا تلفت ، فكذلك إذا نقصت . وهذا قول أكثر الفقهاء الذين حكموا بملكه لها بمضي حول التعريف ، وأما من قال : لا يملكها حتى يتملكها . لم يضمنه إياها حتى يتملكها ، وحكمها قبل تملكه إياها حكمها قبل مضي حول التعريف . ومن قال : لا تملك اللقطة بحال 
لم يضمنه إياها . وبهذا قال الحسن  ،  والنخعي  ، وأبو مجلز  والحارث العكلي  ،  ومالك  ،  وأبو يوسف  ، قالوا : لا يضمن ، وإن ضاعت بعد الحول . وقد ذكرنا فيما تقدم دليل دخولها في ملكه . وقال  داود    : إذا تملك العين وأتلفها ، لم يضمنها . 
 [ ص: 15 ] وحكى ابن أبي موسى  ، عن  أحمد  ، أنه لوح إلى مثل هذا القول ; لحديث عياض بن حمار  ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { فإن جاء ربها ، وإلا فهي مال الله يؤتيه من يشاء   } 
فجعله مباحا . وقوله في حديث أبي بن كعب    : { فإن جاء من يعرفها ، وإلا فهي كسبيل مالك   } . وفي حديث زيد    : { فإن جاء صاحبها ، وإلا فشأنك بها   } . وروي : " فهي لك " . ولم يأمره برد بدلها . ولنا قول النبي صلى الله عليه وسلم : { فإن لم تعرف فاستنفقها ، ولتكن وديعة عندك ، فإن جاء طالبها يوما من الدهر ، فادفعها إليه   } . وقال  الأثرم :  قال  أحمد    : أذهب إلى حديث الضحاك بن عثمان    . جوده ، ولم يروه أحد مثل ما رواه : { إن جاء صاحبها بعد سنة ، وقد أنفقها ، ردها إليه   } 
لأنها عين يلزم ردها لو كانت باقية ، فيلزمه ضمانها إذا أتلفها ، كما قبل الحول ، ولأنه مال معصوم ، فلم يجز إسقاط حقه منه مطلقا ، كما لو اضطر إلى مال غيره ، وإن وجد العين زائدة بعد الحول زيادة متصلة ، أخذها بزيادتها ; لأنها تتبع في الرد بالعيب والإقالة ، فتبعت هاهنا . وإن حدث بعد الحول لها نماء منفصل ، فهو للملتقط ; لأنه نماء ملكه متميز لا يتبع في الفسوخ ، فكان له ، كنماء المبيع إذا رد بعيب . وذكر  أبو الخطاب  فيه وجها آخر ، بناء على المفلس إذا استرجعت منه العين بعد أن زادت زيادة متميزة ، والولد إذا استرجع أبوه ما وهبه له بعد زيادته 
. والصحيح أن الزيادة للملتقط ; لما ذكرناه . وكذلك الصحيح في الموضعين اللذين ذكرهما أن الزيادة لمن حدثت في ملكه . ثم الفرق بينهما أنه في مسألتنا يضمن النقص ، فتكون له الزيادة ، ليكون الخراج بالضمان ، وثم لا ضمان عليه ، فأمكن أن لا يكون الخراج له ، والله أعلم . ومتى اختلفا في القيمة أو المثل ، فالقول قول الملتقط مع يمينه ; لأن الأصل براءة ذمته مما حلف عليه . 
				
						
						
