( 4967 ) فصل : في ميراث الحمل :  إذا مات الإنسان عن حمل يرثه ، وقف الأمر حتى يتبين ، فإن طالب الورثة بالقسمة ، لم يعطوا كل المال ، بغير خلاف ، إلا ما حكي عن  داود  ، والصحيح عنه مثل قول الجماعة ، ولكن يدفع إلى من لا ينقصه الحمل كمال ميراثه ، وإلى من ينقصه أقل ما يصيبه ، ولا يدفع إلى من يسقطه شيء ، فأما من يشاركه ، فأكثر أهل العلم قالوا : يوقف للحمل شيء ، ويدفع إلى شركائه الباقي . وبهذا قال  أبو حنيفة  ، وأصحابه  والليث  ،  وشريك   ويحيى بن آدم  وهو رواية الربيع  عن  الشافعي  
والمشهور عنه أنه لا يدفع إلى شركائه شيء ; لأن الحمل لا حد له ولا نعلم كم يترك له . وقد حكى الماوردي  ، قال : أخبرني رجل من أهل اليمن  ، ورد طالبا للعلم ، وكان من أهل الدين والفضل ، أن امرأة ولدت باليمن  شيئا كالكرش ، فظن أن لا ولد فيه ، فألقي على قارعة الطريق ، فلما طلعت الشمس وحمي بها ، تحرك فأخذ وشق ، فخرج منه سبعة أولاد ذكور ، وعاشوا جميعا ، وكانوا خلقا سويا ، إلا أنه كان في أعضادهم قصر ، قال : وصارعني أحدهم فصرعني ، فكنت أعير به ، فيقال : صرعك سبع رجل 
وقد أخبرني من أثق به سنة ثمان وستمائة ، أو سنة تسع ، عن ضرير بدمشق  أنه قال : ولدت امرأتي في هذه الأيام سبعة في بطن واحد ، ذكورا وإناثا ، وكان بدمشق  أم ولد لبعض كبرائها ، وتزوجت بعده من كان يقرأ علي ، وكانت تلد ثلاثة في كل بطن . وقال غيره : هذا نادر ، ولا يعول عليه ، فلا يجوز منع الميراث من أجله ، كما لو لم يظهر بالمرأة حمل . واختلف القائلون بالوقف فيما يوقف ، فروي عن  أحمد  ، أنه يوقف نصيب ذكرين ، إن كان ميراثهما أكثر ، أو ابنتين إن كان نصيبهما أكثر 
وهذا قول  محمد بن الحسن   واللؤلؤي    . وقال  شريك    : يوقف نصيب أربعة ، فإني رأيت بني إسماعيل  أربعة ، ولدوا في بطن واحد ، محمد  ،  وعمر   [ ص: 259 ]  وعلي    . قال  يحيى بن آدم    : وأظن الرابع  إسماعيل    . وروى  ابن المبارك  هذا القول عن  أبي حنيفة  ، ورواه الربيع  عن  الشافعي  رضي الله عنه وقال  الليث  ،  وأبو يوسف    : يوقف نصيب غلام ، ويؤخذ ضمين من الورثة 
ولنا ; أن ولادة التوأمين كثير معتاد ، فلا يجوز قسم نصيبهما ، كالواحد ، وما زاد عليهما نادر ، فلم يوقف له شيء كالخامس ، والسادس ، ومتى ولدت المرأة من يرث الموقوف كله أخذه ، وإن بقي منه شيء رد إلى أهله ، وإن أعوز شيئا رجع على من هو في يده . مسائل من ذلك   : امرأة حامل وبنت  ، للمرأة الثمن ، وللبنت خمس الباقي . وفي قول  شريك  تسعة . وفي قول  أبي يوسف  ثلثه بضمين . ولا يدفع إليها شيء في المشهور عن  الشافعي  رضي الله عنه 
وإن كان مكان البنت ابن دفع إليه ثلث الباقي ، أو خمسه ، أو نصفه ، على اختلاف الأقوال . ومتى زادت الفروض على ثلث المال ، فميراث الإناث أكثر ، فإذا خلف أبوين ، وامرأة حاملا ، فللمرأة ثلاثة من سبعة وعشرين ، وللأبوين ثمانية منها ، ويوقف ستة عشر ، ويستوي هاهنا قول من وقف نصيب ابنتين ، وقول من وقف نصيب أربعة . وقال  أبو يوسف    : تعطى المرأة ثمنا كاملا ، والأبوان ثلثا كاملا ، ويؤخذ منهم ضمين . فإن كان معهم بنت دفع إليها ثلاثة عشر من مائة وعشرين 
وفي قول  شريك  ، ثلاثة عشر من مائتين وستة عشر . وفي قول  أبي يوسف  ، ثلاثة عشر من اثنين وسبعين ، ويؤخذ من الكل ضمناء من البنت ; لاحتمال أن يولد أكثر من واحد ، ومن الباقين لاحتمال أن تعول المسألة . وعلى قولنا يوافق بين سبعة وعشرين ومائة وعشرين بالأثلاث ، وتضرب ثلث إحداهما في جميع الأخرى ، تكن ألفا وثمانين ، وتعطي البنت ثلاثة عشر في تسعة ، تكن مائة وسبعة عشر ، وللأبوين والمرأة أحد عشر في أربعين ، وما بقي فهو موقوف 
زوج وأم حامل من الأب  المسألة من ثمانية ، للزوج ثلاثة ، وللأم سهم ، ويوقف أربعة . وقال  أبو يوسف    : هي من ثمانية ، يدفع إلى الزوج ثلاثة ، وإلى الأم سهمان ، وتقف ثلاثة ، وتأخذ منها ضمينا ، هكذا حكى الخبري  عنه . فإن كان في المسألة من يسقط بولد الأبوين ، كعصبة ، أو أحد من ولد الأب ، لم يعط شيئا . ولو كان في هذه المسألة جد ، فللزوج الثلث ، وللأم السدس ، وللجد السدس والباقي موقوف 
وقال  أبو حنيفة    : للزوج النصف ، وللأم السدس ، وللجد السدس ، ويوقف السدس بين الجد والأم ، ولا شيء للحمل ; لأن الجد يسقطه  وأبو يوسف  يجعلها من سبعة وعشرين ، ويقف أربعة أسهم . وحكي عن  شريك  ، أنه كان يقول بقول  علي  في الجد فيقف هاهنا نصيب الإناث ، فيكون عنده من تسعة ، وتقف منها أربعة . ولو لم يكن فيها زوج ، كان للأم السدس وللجد ثلث الباقي ، وتقف عشرة من ثمانية عشر . وعند  أبي حنيفة  للجد الثلثان ، وللأم السدس ، ويوقف السدس بينهما 
قول  أبي يوسف  ، يقف الثلث ، ويعطي كل واحد منهما ثلثا ، ويؤخذ منهما ضمين . ومتى خلف ورثة ، وأما تحت الزوج  ، فينبغي للزوج الإمساك عن وطئها ، ليعلم أحامل هي أم لا ؟ كذا روي عن  علي   وعمر بن عبد العزيز  ، والشعبي  ،  والنخعي  ،  وقتادة  ، في آخرين . وإن وطئها قبل استبرائها ، فأتت بولد لأقل من ستة أشهر  ، ورث ، لأننا نعلم أنها كانت حاملا به ، وإن ولدته لأكثر من ذلك ، لم ترث ، إلا أن يقر الورثة أنها كانت حاملا به يوم موت ولدها . 
				
						
						
