الضرب الثالث السنور وما دونها في الخلقة ; كالفأرة ، وابن عرس ،  فهذا ونحوه من حشرات الأرض سؤره طاهر ، يجوز شربه والوضوء به . ولا يكره . وهذا قول أكثر أهل العلم ; من الصحابة ، والتابعين ، من أهل المدينة  ، والشام  ، وأهل الكوفة  أصحاب الرأي ، إلا  أبا حنيفة  ، فإنه كره الوضوء بسؤر الهر ،  فإن فعل أجزأه . 
وقد روي عن  ابن عمر  أنه كرهه ، وكذلك  يحيى الأنصاري  ،  وابن أبي ليلى    . وقال  أبو هريرة  ، يغسل مرة أو مرتين . وبه قال  ابن المنذر    . وقال الحسن  ،  وابن سيرين    : يغسل مرة . 
وقال  طاوس    : يغسل سبعا ، كالكلب . وقد روى  أبو داود  ، بإسناده ، عن  أبي هريرة رضي الله عنه  عن النبي صلى الله عليه وسلم فذكر الحديث ، وقال : { إذا ولغت فيه الهرة غسل مرة   } . 
ولنا ما روي عن كبشة بنت كعب بن مالك  ، وكانت تحت  أبي قتادة  ، أن  أبا قتادة  دخل عليها ، فسكبت له وضوءا ، قالت : فجاءت هرة فأصغى لها الإناء حتى شربت ، قالت كبشة    : فرآني أنظر إليه ، فقال : أتعجبين يا ابنة أخي ؟ فقلت : نعم . فقال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم { قال : إنها ليست بنجس ، إنها من الطوافين عليكم والطوافات   } . أخرجه  أبو داود   والنسائي  ، والترمذي  ، وقال : هذا حديث حسن صحيح . وهذا أحسن شيء في الباب . 
وقد دل بلفظه على نفي الكراهة عن سؤر الهر ، وبتعليله على نفي الكراهة عما دونها مما يطوف علينا . وروى  ابن ماجه  ، عن  عائشة  ، قالت : { كنت أتوضأ أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم من إناء ، قد أصابت منه الهرة قبل ذلك   } . 
وعن  عائشة  ، أنها قالت {   : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إنها ليست بنجس ، إنما هي من الطوافين عليكم . وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ بفضلها .   } رواه  أبو داود    . 
				
						
						
