( 5326 ) قال : ( ومن أراد أن يتزوج امرأة ، فله أن ينظر إليها من غير أن يخلو بها ) لا نعلم بين أهل العلم خلافا في إباحة النظر إلى المرأة لمن أراد نكاحها  وقد روى  جابر  قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم {   : إذا خطب أحدكم المرأة ، فإن استطاع أن ينظر إلى ما يدعوه إلى نكاحها ، فليفعل قال : فخطبت امرأة ، فكنت أتخبأ لها ، حتى رأيت منها ما دعاني إلى نكاحها ، فتزوجتها   } . رواه أبو داود  وفي هذا أحاديث كثيرة سوى هذا ; ولأن النكاح عقد يقتضي التمليك ، فكان للعاقد النظر إلى المعقود عليه ، كالنظر إلى الأمة المستامة ولا بأس بالنظر إليها بإذنها وغير إذنها . 
لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بالنظر وأطلق ، وفي حديث جابر :    " فكنت أتخبأ لها " وفي  [ ص: 74 ] حديث عن  المغيرة بن شعبة  ، أنه استأذن أبويها في النظر إليها ، فكرها ، فأذنت له المرأة رواه سعيد  ولا يجوز له الخلوة بها    ; لأنها محرمة ولم يرد الشرع بغير النظر ، فبقيت على التحريم ; ولأنه لا يؤمن مع الخلوة مواقعة المحظور ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { لا يخلون رجل بامرأة ، فإن ثالثهما الشيطان   } ولا ينظر إليها نظر تلذذ وشهوة ، ولا لريبة قال  أحمد  في رواية صالح  
ينظر إلى الوجه ولا يكون عن طريق لذة وله أن يردد النظر إليها ، ويتأمل محاسنها ; لأن المقصود لا يحصل إلا بذلك . ( 5327 ) فصل : ولا خلاف بين أهل العلم في إباحة النظر إلى وجهها ، وذلك لأنه ليس بعورة ، وهو مجمع المحاسن ، وموضع النظر ولا يباح له النظر إلى ما لا يظهر عادة  وحكي عن الأوزاعي  أنه ينظر إلى مواضع اللحم وعن  داود  أنه ينظر إلى جميعها ، لظاهر قوله عليه السلام { انظر إليها   } ولنا قول الله تعالى {    : ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها    } وروي عن  ابن عباس  أنه قال : الوجه ، وباطن الكف . 
ولأن النظر محرم أبيح للحاجة ، فيختص بما تدعو الحاجة إليه ، وهو ما ذكرنا . والحديث مطلق ، ومن نظر إلى وجه إنسان سمي ناظرا إليه ، ومن رآه وعليه أثوابه سمي رائيا له ، كما قال الله تعالى : { وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم    } { وإذا رآك الذين كفروا    } فأما ما يظهر غالبا سوى الوجه ، كالكفين والقدمين ونحو ذلك ، مما تظهره المرأة في منزلها  ففيه روايتان ; إحداهما : لا يباح النظر إليه ; لأنه عورة فلم يبح النظر إليه ، كالذي لا يظهر ، فإن عبد الله  روى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { المرأة عورة   } حديث حسن ولأن الحاجة تندفع بالنظر إلى الوجه . 
فبقي ما عداه على التحريم والثانية : له النظر إلى ذلك . قال  أحمد  في رواية  حنبل    : لا بأس أن ينظر إليها ، وإلى ما يدعوه إلى نكاحها ، من يد أو جسم ونحو ذلك . 
قال أبو بكر    : لا بأس أن ينظر إليها عند الخطبة حاسرة . وقال  الشافعي    : ينظر إلى الوجه والكفين . ووجه جواز النظر ما يظهر غالبا ، أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أذن في النظر إليها من غير علمها ، علم أنه أذن في النظر إلى جميع ما يظهر عادة إذ لا يمكن إفراد الوجه بالنظر مع مشاركة غيره له في الظهور ; ولأنه يظهر غالبا ، فأبيح النظر إليه كالوجه . 
ولأنها امرأة أبيح له النظر إليها بأمر الشارع ، فأبيح النظر منها إلى ذلك ، كذوات المحارم . وقد روى سعيد  عن سفيان  عن عمرو بن دينار  عن أبي جعفر  قال : خطب  عمر بن الخطاب  ابنة علي  فذكر منها صغرا ، فقالوا له : إنما ردك فعاوده ، فقال : نرسل بها إليك تنظر إليها فرضيها ، فكشف عن ساقها . فقالت : أرسل ، فلولا أنك أمير المؤمنين للطمت عينك . 
				
						
						
