( 5675 ) فصل : فأما دخول منزل فيه صورة ،  فليس بمحرم ، وإنما أبيح ترك الدعوة من أجله عقوبة للداعي ، بإسقاط حرمته ; لإيجاده المنكر في داره . ولا يجب على من رآه في منزل الداعي الخروج ، في ظاهر كلام  أحمد    ; فإنه قال ، في رواية الفضل بن زياد  ، إذا رأى صورا على الستر ، لم يكن رآها حين دخل ؟ قال : هو أسهل من أن يكون على الجدار . قيل : فإن لم يره إلا عند وضع الخوان بين أيديهم ، أيخرج ؟ فقال : لا تضيق علينا ، ولكن إذا رأى هذا وبخهم ونهاهم . يعني لا يخرج . وهذا مذهب  مالك  فإنه كان يكرهها تنزها ، ولا يراها محرمة . وقال أكثر أصحاب  الشافعي    : إذا كانت الصور على الستور ، أو ما ليس بموطوء ، لم يجز له الدخول ; لأن الملائكة لا تدخله ، ولأنه لو لم يكن محرما ، لما جاز ترك الدعوة الواجبة من أجله . 
ولنا ما روي { أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل الكعبة  ، فرأى فيها صورة إبراهيم  وإسماعيل  يستقسمان بالأزلام ، فقال : قاتلهم الله ، لقد علموا أنهما ما استقسما بها قط   } . رواه أبو داود    . وما ذكرنا من خبر  عبد الله  أنه دخل بيتا فيه تماثيل ، وفي شروط  عمر  رضي الله عنه على أهل الذمة    : أن يوسعوا أبواب كنائسهم وبيعهم ، ليدخلها المسلمون للمبيت بها ، والمارة بدوابهم ، وروى ابن عائذ  في " فتوح الشام    " ، أن النصارى  صنعوا  لعمر  رضي الله عنه ، حين قدم  [ ص: 217 ] الشام  ، طعاما ، فدعوه ، فقال : أين هو ؟ قالوا : في الكنيسة ، فأبى أن يذهب ، وقال  لعلي    : امض بالناس ، فليتغدوا . فذهب  علي  رضي الله عنه بالناس ، فدخل الكنيسة ، وتغدى هو والمسلمون ، وجعل  علي  ينظر إلى الصور ، وقال : ما على أمير المؤمنين لو دخل فأكل ، 
وهذا اتفاق منهم على إباحة دخولها وفيها الصور ، ولأن دخول الكنائس والبيع غير محرم ، فكذلك المنازل التي فيها الصور ، وكون الملائكة لا تدخله لا يوجب تحريم دخوله علينا ، كما لو كان فيه كلب ، ولا يحرم علينا صحبة رفقة فيها جرس ، مع أن الملائكة لا تصحبهم ، وإنما أبيح ترك الدعوة من أجله عقوبة لفاعله ، وزجرا له عن فعله ، والله أعلم . 
				
						
						
