( 608 ) فصل : فإن ، كالمنفرد في العمارية يدور فيها كيف شاء ، ويتمكن من الصلاة إلى القبلة والركوع والسجود ، فعليه استقبال القبلة في صلاته ، ويسجد على ما هو عليه إن أمكنه ذلك ; لأنه كراكب السفينة . وإن قدر على الاستقبال دون الركوع والسجود ، استقبل القبلة ، وأومأ بهما . نص عليه . وقال كان على الراحلة في مكان واسع أبو الحسن الآمدي : يحتمل أن لا يلزمه شيء من ذلك ، كغيره ; لأن الرخصة العامة تعم ما وجدت فيه المشقة وغيره ، كالقصر والجمع . وإن عجز عن ذلك سقط بغير خلاف . وإن كان يعجز عن استقبال القبلة في ابتداء صلاته ، كراكب راحلة لا تطيعه ، أو كان في قطار ، فليس عليه استقبال القبلة في شيء من الصلاة .
وإن أمكنه افتتاحها إلى القبلة ، كراكب راحلة منفردة تطيعه ، فهل يلزمه افتتاحها إلى القبلة ؟ يخرج فيه روايتان ; إحداهما ، يلزمه لما روى ، { أنس } رواه الإمام أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا سافر ، فأراد أن يتطوع ، استقبل بناقته القبلة ، فكبر ، ثم صلى حيث كان وجهة ركابه ، في " مسنده " أحمد وأبو داود . ولأنه أمكنه استقبال القبلة في ابتداء الصلاة [ ص: 261 ] فلزمه ذلك ، كالصلاة كلها . والثانية : لا يلزمه ; لأنه جزء من أجزاء الصلاة ، أشبه سائر أجزائها ، ولأن ذلك لا يخلو من مشقة ، فسقط ، وخبر النبي صلى الله عليه وسلم يحمل على الفضيلة والندب .
( 609 ) فصل : ، فإن عدل عنها نظرت ، فإن كان عدوله إلى جهة وقبلة هذا المصلي حيث كانت وجهته الكعبة ، جاز ; لأنها الأصل ، وإنما جاز تركها للعذر ، فإذا عدل إليها أتى بالأصل ، كما لو ركع فسجد في مكان الإيماء . وإن عدل إلى غيرها عمدا ، فسدت صلاته ; لأنه ترك قبلته عمدا . وإن فعل ذلك مغلوبا ، أو نائما ، أو ظنا منه أنها جهة سفره ، فهو على صلاته ، ويرجع إلى جهة سفره عند زوال عذره . لأنه مغلوب على ذلك . فأشبه العاجز عن الاستقبال .
فإن تمادى به ذلك بعد زوال عذره ، فسدت صلاته ; لأنه ترك الاستقبال عمدا . ولا فرق بين جميع التطوعات في هذا ، فيستوي فيه النوافل المطلقة ، والسنن الرواتب ، والمعينة ، والوتر ، وسجود التلاوة ، وقد { } ، { كان النبي صلى الله عليه وسلم يوتر على بعيره } . متفق عليهما . وكان يسبح على بعيره إلا الفرائض