ولنا أنه لم يمنع نفسه من الوطء باليمين أكثر من أربعة أشهر ، فلم يكن موليا ، كما لو حلف على ترك قبلتها . والآية حجة لنا ; لأنه جعل له تربص أربعة أشهر ، فإذا حلف على أربعة أشهر أو ما دونها ، فلا معنى للتربص ; لأن مدة الإيلاء تنقضي قبل ذلك ومع انقضائه . وتقدير التربص بأربعة أشهر يقتضي كونه في مدة تناولها الإيلاء ، ولأن المطالبة إنما تكون بعد أربعة أشهر ، فإذا انقضت المدة بأربعة فما دون ، لم تصح المطالبة من غير إيلاء وأبو حنيفة ومن وافقه بنوا ذلك على قولهم في الفيئة إنها تكون في مدة الأربعة الأشهر ، وظاهر الآية خلافه ; فإن الله تعالى قال { : للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر ، فإن فاءوا } . فعقب الفيء عقيب التربص بفاء التعقيب ، فيدل على تأخرها عنه .
إذا ثبت هذا ، فحكي عن ابن عباس ، أن المولي من يحلف على ترك الوطء أبدا أو مطلقا ; لأنه إذا حلف على ما دون ذلك ، أمكنه التخلص بغير حنث ، فلم يكن موليا ، كما لو حلف لا وطئها في مدينة بعينها . ولنا أنه لا يمكنه التخلص بعد التربص من يمينه بغير حنث ، فأشبه المطلقة ، بخلاف اليمين على مدينة معينة ، فإنه يمكن التخلص بغير الحنث ، ولأن الأربعة الأشهر مدة تتضرر المرأة بتأخير الوطء عنها ، فإذا حلف على أكثر منها كان موليا كالأبد .
ودليل الوصف ما روي أن عمر ، رضي الله عنه كان يطوف ليلة في المدينة ، فسمع امرأة تقول :
تطاول هذا الليل وازور جانبه وليس إلى جنبي خليل ألاعبه فوالله لولا الله لا شيء غيره
لزعزع من هذا السرير جوانبه مخافة ربي والحياء يكفني
وأكرم بعلي أن تنال مراكبه


