( 6153 ) مسألة قال : ( وإن طلق واحدة ، وراجع ، وقد بقي من مدة الإيلاء أكثر من أربعة أشهر ، كان الحكم كما حكمنا في الأول ) وجملة الأمر أنه إذا طلق المولي ، أو ; طلق الحاكم عليه أقل من ثلاث  ، فله رجعتها . وعن  أبي عبد الله    - رحمه الله - رواية أخرى ، أن تفريق الحاكم ليس فيه رجعة ; فإنه قال : وأما تفريق السلطان ، فليس فيه رجعة في العدة ، ولا بعدها . فعلى هذه الرواية ، يكون طلاق الحاكم بائنا ، ليس فيه رجعة . وقال أبو بكر    : في كل فرقة فرقها الحاكم روايتان ، لعانا كانت أو غيره ; إحداهما ، تحرم على التأبيد . واختارها . والثانية ، له المراجعة فيها بعقد جديد . وهذا الصحيح . 
وليس في كلام  أحمد  ما يقتضي تحريمها عليه . وقوله : ليس فيه رجعة في العدة ولا بعدها . يمكن حمله على أنه ليس له رجعتها بغير نكاح جديد ; لأنه قد صرح في سائر الروايات به ، ولأنه لم يوجد سبب يقتضي تحريمها عليه ، وتفريق الحاكم لا يقتضي سوى التفريق بينهما في هذا النكاح ، ولذلك لو فرق بينهما لأجل العنة ، لم تحرم عليه . وأما فرقة اللعان ، فإنها تحصل بدون تفريق الحاكم . ولو حصلت بتفريق الحاكم غير أن المقتضي للتفريق والتحريم اللعان ، بدليل أنه لا يجوز إقرارهما على النكاح وإن تراضوا به ، بخلاف مسألتنا . وأما على قول  الخرقي  ، فإن الطلاق إذا كان دون الثلاث ، فهو رجعي ، سواء كان من المولي ، أو الحاكم . وهذا مذهب  الشافعي    ; لأن الحاكم نائبه ، فلا يقع طلاقه مفيدا ، كما لم يفده طلاق المولي كالوكيل . 
فإن لم يراجع حتى انقضت عدتها ،  [ ص: 438 ] بانت ، ولم يلحقها طلاق ثان . وهذا مذهب  الشافعي  ، وروي عن  علي    : إذا سبق حد الإيلاء حد الطلاق ، فهما تطليقتان ، وإن سبق حد الطلاق حد الإيلاء ، فهي واحدة . ويقتضيه مذهب الزهري    . وهذا مبني على أن الطلاق يقع بانقضاء مدة الإيلاء ، من غير إيقاع . وقد سبق ذكر ذلك . فأما إن فسخ الحاكم النكاح ، فليس للمولي الرجوع عليها إلا بنكاح جديد ، سواء كان في العدة أو بعدها . ولا ينقص به عدد طلاقه ; لأنه ليس بطلاق ، فأشبه فسخ النكاح لعيبه أو عنته . وإن طلق المولي أو الحاكم ثلاثا ، لم تحل له إلا بعد زوج ثان وإصابة ونكاح جديد . 
إذا ثبت هذا ، فإنه إذا طلق دون الثلاث ، فراجعها في عدتها ، فإن مدة الإيلاء تنقطع بالطلاق ، ولا يحتسب عليه بما قبل الرجعة من المدة ; لأنها صارت ممنوعة منه بغير اليمين ، فانقطعت المدة كما لو كان الطلاق بائنا ، فإن راجع استؤنفت المدة من حين رجعته ، فإن كان الباقي منها أقل من أربعة أشهر ، سقط الإيلاء ، وإن كان أكثر منها تربصنا به أربعة أشهر ، ثم وقفناه ليفيء أو يطلق ، ثم يكون الحكم هاهنا كالحكم في وقفه الأول ، فإن طلق أو طلق الحاكم عليه واحدة ، ثم راجع ، وقد بقي من مدة الإيلاء أكثر من أربعة أشهر ، انتظرناه أربعة أشهر ، ثم طولب بالفيئة أو الطلاق ، فإن طلق ، فقد كملت الثلاث ، وحرمت عليه . وهذا مذهب  الشافعي    . ويقتضي مذهب أبي عبد الله بن حامد  ، أنه إذا طلق استؤنفت المدة الأخرى من حين طلق ، فلو تمت أربعة أشهر قبل انقضاء عدة الطلاق ، وقف ثانيا ، فإن فاء ، وإلا أمر بالطلاق . 
ونحو هذا مذهب  مالك  ،  وأبي عبيد    . وإن انقضت العدة قبل مدة الإيلاء ، بانت ، وانقطع الإيلاء ، فإن راجع في العدة قبل مدة الإيلاء ، تربص به تمام أربعة أشهر من حين طلق . وعن  ابن مسعود  ،  وعطاء  ، والحسن  ،  والنخعي  ،  وقتادة  ، والأوزاعي  ، أن الطلاق يهدم الإيلاء . وهذا يحتمل أن يكون معناه أنه يقطع مدته ، فلا يحتسب بمدته قبل الرجعة ; فيكون قول  الخرقي  مثله . ويحتمل أنه يزيل حكمه بالكلية ; لأنه قد وفاها حقها بالطلاق ، فسقط حكم الإيلاء ، كما لو وطئها . والجواب عن هذا ، أن حكم اليمين باق في المنع من الوطء فيبقى الإيلاء ، كما لو لم يطلق ، بخلاف الفيئة ، فإنها ترفع اليمين ، لحصول الحنث فيها . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					