( 6353 ) فصل : فإن قدم زوجها الأول قبل أن تتزوج  ، فهي امرأته . وقال بعض أصحاب  الشافعي    : إذا ضربت لها المدة ، فانقضت ، بطل نكاح الأول . والذي ذكرنا أولى ; لأننا إنما أبحنا لها التزويج لأن الظاهر موته ، فإذا بان حيا ، انخرم ذلك الظاهر ، وكان النكاح بحاله ، كما لو شهدت البينة بموته ثم بان حيا ، ولأنه أحد الملكين ، فأشبه ملك المال . فأما إن قدم بعد أن تزوجت  نظرنا ; فإن كان قبل دخول الثاني بها ، فهي زوجة الأول ، ترد إليه ، ولا شيء قال  أحمد    : أما قبل الدخول ، فهي امرأته ، وإنما التخيير بعد الدخول . وهذا قول الحسن  ،  وعطاء  ،  وخلاس بن عمرو  ،  والنخعي  ،  وقتادة  ،  ومالك  وإسحاق . 
وقال  القاضي    : فيه رواية أخرى ، أنه يخير . وأخذه من عموم قول  أحمد    : إذا تزوجت امرأته فجاء ، خير بين الصداق وبين امرأته . والصحيح أن عموم كلام  أحمد  يحمل على خاصه في رواية  الأثرم  ، وأنه لا تخيير إلا بعد الدخول ، فتكون زوجة الأول ، رواية واحدة ; لأن النكاح إنما صح في الظاهر دون الباطن ، فإذا قدم تبينا أن النكاح كان باطلا ; لأنه صادف امرأة ذات زوج ، فكان باطلا ، كما لو شهدت بينة بموته ، وليس عليه صداق ; لأنه نكاح فاسد لم يتصل به دخول ، وتعود إلى الزوج بالعقد الأول ، كما لو لم تتزوج . وإن قدم بعد دخول الثاني بها . خير الأول بين أخذها ، فتكون زوجته بالعقد الأول ، وبين أخذ صداقها ، وتكون زوجة الثاني . 
وهذا قول  مالك    ; لإجماع الصحابة عليه ، فروى  معمر  ، عن الزهري  عن  سعيد بن المسيب  ، أن  عمر   وعثمان  قالا : إن جاء زوجها الأول ، خير بين المرأة وبين الصداق الذي ساق هو ، رواه الجوزجاني  ،  والأثرم  ، وقضى به  ابن الزبير  في مولاة . لهم وقال  علي  ذلك في الحديث الذي رويناه . ولم يعرف لهم مخالف في عصرهم ، فكان إجماعا . فعلى هذا ، إن أمسكها الأول ، فهي زوجته بالعقد الأول . والمنصوص عن  أحمد  ، أنه لا يحتاج الثاني إلى طلاق ; لأن نكاحه كان باطلا في الباطن . 
وقال  القاضي    : قياس قوله ، أنه يحتاج إلى طلاق ; لأن هذا نكاح مختلف في صحته ، فكان مأمورا بالطلاق ليقطع حكم العقد الثاني ، كسائر الأنكحة الفاسدة ، ويجب على الأول اعتزالها حتى تقضي عدتها من الثاني . وإن لم يخترها الأول ، فإنها تكون مع الثاني ، ولم يذكروا لها عقدا جديدا . والصحيح أنه يجب أن يستأنف لها عقدا ، لأننا تبينا بطلان عقده بمجيء الأول ، ويحمل قول الصحابة على هذا ، لقيام الدليل عليه ، فإن زوجة الإنسان لا تصير زوجة  [ ص: 109 ] لغيره بمجرد تركه لها . 
وقال  أبو الخطاب    : القياس أننا إن حكمنا بالفرقة ظاهرا وباطنا ، فهي امرأة الثاني ، ولا خيار للأول ; لأنها بانت منه بفرقة الحاكم ، فأشبه ما لو فسخ نكاحها لعسرته ، وإن لم نحكم بفرقته باطنا ، فهي امرأة الأول ، ولا خيار له . 
				
						
						
