( 6394 ) فصل : قال أصحابنا : ولا سكنى للمتوفى عنها ، إذا كانت حائلا . رواية واحدة . وإن كانت حاملا ، فعلى روايتين .
nindex.php?page=showalam&ids=13790وللشافعي في
nindex.php?page=treesubj&link=12699_12701سكنى المتوفى عنها قولان . وجه الوجوب قوله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=240والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول غير إخراج } . فنسخ بعض المدة ، وبقي باقيها على الوجوب . ولأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر
فريعة بالسكنى في بيتها ، من غير استئذان الورثة ، ولو لم تجب السكنى ، لم يكن لها أن تسكن إلا بإذنهم ، كما أنها ليس لها أن تتصرف في شيء من مال زوجها بغير إذنهم .
ولنا ، أن الله تعالى إنما جعل للزوجة ثمن التركة أو ربعها ، وجعل باقيها لسائر الورثة ، والمسكن من التركة ، فوجب أن لا يستحق منه أكثر من ذلك ; ولأنها بائن من زوجها ، فأشبهت المطلقة ثلاثا . وأما إذا كانت حاملا ، وقلنا : لها السكنى . فلأنها حامل من زوجها ، فوجب لها السكنى . قياسا على المطلقة .
فأما الآية التي احتجوا بها ، فإنها منسوخة ، وأما أمر النبي صلى الله عليه وسلم
فريعة بالسكنى ، فقضية في عين ، يحتمل أنه عليه السلام علم أن الوارث يأذن في ذلك ، أو يكون الأمر يدل على وجوب السكنى عليها ، ويتقيد ذلك بالإمكان ، وإذن الوارث من جملة ما يحصل الإمكان به ، فإذا قلنا لها السكنى فهي أحق بسكنى المسكن الذي كانت تسكنه من الورثة والغرماء ، من رأس مال المتوفى ، ولا يباع في دينه بيعا يمنعها السكنى ، فيه حتى تقضي العدة ، وبهذا قال
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي ،
nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة وجمهور العلماء ، وإن
[ ص: 129 ] تعذر المسكن ، فعلى الوارث أن يكتري لها مسكنا من مال الميت ، فإن لم يفعل ، أجبره الحاكم ، وليس لها أن تنتقل من مسكنها إلا لعذر ، كما ذكرنا . وإن اتفق الوارث والمرأة على نقلها عنه ، لم يجز ; لأن هذه السكنى يتعلق بها حق الله تعالى ، لأنها تجب للعدة ، والعدة يتعلق بها حق الله تعالى ، فلم يجز اتفاقهما على إبطالها ، بخلاف سكنى النكاح ; فإنها حق لهما ; ولأن السكنى هاهنا من الإحداد ، فلم يجز الاتفاق على تركها ، كسائر خصال الإحداد .
nindex.php?page=treesubj&link=12641وليس لهم أن يخرجوها ، إلا أن تأتي بفاحشة مبينة . لقول الله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=1لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة } . وهي أن تطول لسانها على أحمائها وتؤذيهم بالسب ونحوه . روي ذلك عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس . وهو قول الأكثرين .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود ،
والحسن : هي الزنى لقول الله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=15واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم } . وإخراجهن هو الإخراج لإقامة حد الزنى ، ثم ترد إلى مكانها . ولنا أن الآية تقتضي الإخراج عن السكنى ، وهذا لا يتحقق فيما قالاه .
وأما الفاحشة فهي اسم للزنى وغيره من الأقوال الفاحشة ، يقال : أفحش فلان في مقاله . ولهذا روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه {
nindex.php?page=hadith&LINKID=22363قالت له nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة : يا رسول الله ، قلت لفلان : بئس أخو العشيرة . فلما دخل ألنت له القول . فقال : يا nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة ، إن الله لا يحب الفحش ولا التفحش } . إذا ثبت هذا ، فإن الورثة يخرجونها عن ذلك المسكن ، إلى مسكن آخر من الدار إن كانت كبيرة تجمعهم ، فإن كانت لا تجمعهم ، أو لم يمكن نقلها إلى غيره في الدار ، ولم يتخلصوا من أذاها بذلك ، فلهم نقلها . وقال بعض أصحابنا : ينتقلون هم عنها ; لأن سكناها واجب في المكان ، وليس بواجب عليهم .
والنص يدل على أنها تخرج ، فلا يعرج على ما خالفه ; ولأن الفاحشة منها ، فكان الإخراج لها . وإن كان أحماؤها هم الذين يؤذونها ، ويفحشون عليها ، نقلوا هم دونها ، فإنها لم تأت بفاحشة ، فلا تخرج بمقتضى النص ، ولأن الذنب لهم فيخصون بالإخراج .
nindex.php?page=treesubj&link=12708_12707وإن كان المسكن لغير الميت فتبرع صاحبه بإسكانها فيه ، لزمها الاعتداد به ، وإن أبى أن يسكنها إلا بأجرة ، وجب بذلها من مال الميت ، إلا أن يتبرع إنسان ببذلها ، فيلزمها الاعتداد به ، فإن حولها صاحب المكان ، أو طلب أكثر من أجرة المثل ، فعلى الورثة إسكانها إن كان للميت تركة يستأجر لها به مسكن ; لأنه حق لها يقدم على الميراث ، فإن اختارت النقلة عن هذا المسكن الذي ينقلونها إليه ، فلها ذلك ; لأن سكناها به حق لها ، وليس بواجب عليها ، فإن المسكن الذي كان يجب عليها السكنى به ، هو الذي كانت تسكنه حين موت زوجها ، وقد سقطت عنها السكنى به ، وسواء كان المسكن الذي كانت به لأبويها ، أو لأحدهما ، أو لغيرهم .
وإن كانت تسكن في دارها فاختارت الإقامة فيها ، والسكنى بها متبرعة أو بأجرة تأخذها من التركة ، جاز ، ويلزم الورثة بذل الأجرة إذا طلبتها ، وإن طلبت أن تسكنها غيرها ، وتنتقل عنها ، فلها ذلك ; لأنه ليس عليها أن تؤجر دارها ولا تعيرها ، وعليهم إسكانها .
( 6394 ) فَصْلٌ : قَالَ أَصْحَابُنَا : وَلَا سُكْنَى لِلْمُتَوَفَّى عَنْهَا ، إذَا كَانَتْ حَائِلًا . رِوَايَةً وَاحِدَةً . وَإِنْ كَانَتْ حَامِلًا ، فَعَلَى رِوَايَتَيْنِ .
nindex.php?page=showalam&ids=13790وَلِلشَّافِعِيِّ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=12699_12701سُكْنَى الْمُتَوَفَّى عَنْهَا قَوْلَانِ . وَجْهُ الْوُجُوبِ قَوْله تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=240وَاَلَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إخْرَاجٍ } . فَنُسِخَ بَعْضُ الْمُدَّةِ ، وَبَقِيَ بَاقِيهَا عَلَى الْوُجُوبِ . وَلِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ
فُرَيْعَةَ بِالسُّكْنَى فِي بَيْتِهَا ، مِنْ غَيْرِ اسْتِئْذَانِ الْوَرَثَةِ ، وَلَوْ لَمْ تَجِبْ السُّكْنَى ، لَمْ يَكُنْ لَهَا أَنْ تَسْكُنَ إلَّا بِإِذْنِهِمْ ، كَمَا أَنَّهَا لَيْسَ لَهَا أَنْ تَتَصَرَّفَ فِي شَيْءٍ مِنْ مَالِ زَوْجِهَا بِغَيْرِ إذْنِهِمْ .
وَلَنَا ، أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى إنَّمَا جَعَلَ لِلزَّوْجَةِ ثُمْنَ التَّرِكَةَ أَوْ رُبْعَهَا ، وَجَعَلَ بَاقِيَهَا لِسَائِرِ الْوَرَثَةِ ، وَالْمَسْكَنُ مِنْ التَّرِكَةِ ، فَوَجَبَ أَنْ لَا يُسْتَحَقَّ مِنْهُ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ ; وَلِأَنَّهَا بَائِنٌ مِنْ زَوْجِهَا ، فَأَشْبَهْت الْمُطَلَّقَةَ ثَلَاثًا . وَأَمَّا إذَا كَانَتْ حَامِلًا ، وَقُلْنَا : لَهَا السُّكْنَى . فَلِأَنَّهَا حَامِلٌ مِنْ زَوْجِهَا ، فَوَجَبَ لَهَا السُّكْنَى . قِيَاسًا عَلَى الْمُطَلَّقَةِ .
فَأَمَّا الْآيَةُ الَّتِي احْتَجُّوا بِهَا ، فَإِنَّهَا مَنْسُوخَةٌ ، وَأَمَّا أَمْرُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فُرَيْعَةَ بِالسُّكْنَى ، فَقَضِيَّةٌ فِي عَيْنٍ ، يَحْتَمِلُ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَلِمَ أَنَّ الْوَارِثَ يَأْذَنُ فِي ذَلِكَ ، أَوْ يَكُونُ الْأَمْرُ يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ السُّكْنَى عَلَيْهَا ، وَيَتَقَيَّدُ ذَلِكَ بِالْإِمْكَانِ ، وَإِذْنُ الْوَارِثِ مِنْ جُمْلَةِ مَا يَحْصُلُ الْإِمْكَانُ بِهِ ، فَإِذَا قُلْنَا لَهَا السُّكْنَى فَهِيَ أَحَقُّ بِسُكْنَى الْمَسْكَنِ الَّذِي كَانَتْ تَسْكُنُهُ مِنْ الْوَرَثَةِ وَالْغُرَمَاءِ ، مِنْ رَأْسِ مَالِ الْمُتَوَفَّى ، وَلَا يُبَاعُ فِي دَيْنِهِ بَيْعًا يَمْنَعُهَا السُّكْنَى ، فِيهِ حَتَّى تَقْضِيَ الْعِدَّةَ ، وَبِهَذَا قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16867مَالِكٌ ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790وَالشَّافِعِيُّ ،
nindex.php?page=showalam&ids=11990وَأَبُو حَنِيفَةَ وَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ ، وَإِنْ
[ ص: 129 ] تَعَذَّرَ الْمَسْكَنُ ، فَعَلَى الْوَارِثِ أَنْ يَكْتَرِيَ لَهَا مَسْكَنًا مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ ، أَجْبَرَهُ الْحَاكِمُ ، وَلَيْسَ لَهَا أَنْ تَنْتَقِلَ مِنْ مَسْكَنِهَا إلَّا لِعُذْرِ ، كَمَا ذَكَرْنَا . وَإِنْ اتَّفَقَ الْوَارِثُ وَالْمَرْأَةُ عَلَى نَقْلِهَا عَنْهُ ، لَمْ يَجُزْ ; لِأَنَّ هَذِهِ السُّكْنَى يَتَعَلَّقُ بِهَا حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى ، لِأَنَّهَا تَجِبُ لِلْعِدَّةِ ، وَالْعِدَّةُ يَتَعَلَّقُ بِهَا حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى ، فَلَمْ يَجُزْ اتِّفَاقُهُمَا عَلَى إبْطَالِهَا ، بِخِلَافِ سُكْنَى النِّكَاحِ ; فَإِنَّهَا حَقٌّ لَهُمَا ; وَلِأَنَّ السُّكْنَى هَاهُنَا مِنْ الْإِحْدَادِ ، فَلَمْ يَجُزْ الِاتِّفَاقُ عَلَى تَرْكِهَا ، كَسَائِرِ خِصَالِ الْإِحْدَادِ .
nindex.php?page=treesubj&link=12641وَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يُخْرِجُوهَا ، إلَّا أَنْ تَأْتِيَ بِفَاحِشَةِ مُبَيِّنَةٍ . لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=1لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ } . وَهِيَ أَنْ تُطَوِّلْ لِسَانَهَا عَلَى أَحْمَائِهَا وَتُؤْذِيهِمْ بِالسَّبِّ وَنَحْوِهِ . رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ . وَهُوَ قَوْلُ الْأَكْثَرِينَ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنُ مَسْعُودٍ ،
وَالْحَسَنُ : هِيَ الزِّنَى لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=15وَاَللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ } . وَإِخْرَاجُهُنَّ هُوَ الْإِخْرَاجُ لِإِقَامَةِ حَدِّ الزِّنَى ، ثُمَّ تُرَدُّ إلَى مَكَانِهَا . وَلَنَا أَنَّ الْآيَةَ تَقْتَضِي الْإِخْرَاجَ عَنْ السُّكْنَى ، وَهَذَا لَا يَتَحَقَّقُ فِيمَا قَالَاهُ .
وَأَمَّا الْفَاحِشَةُ فَهِيَ اسْمٌ لِلزِّنَى وَغَيْرِهِ مِنْ الْأَقْوَالِ الْفَاحِشَةِ ، يُقَال : أَفْحَشَ فُلَانٌ فِي مَقَالِهِ . وَلِهَذَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=22363قَالَتْ لَهُ nindex.php?page=showalam&ids=25عَائِشَةُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، قُلْت لَفُلَانٍ : بِئْسَ أَخُو الْعَشِيرَةِ . فَلَمَّا دَخَلَ أَلَنْتَ لَهُ الْقَوْلَ . فَقَالَ : يَا nindex.php?page=showalam&ids=25عَائِشَةُ ، إنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفُحْشَ وَلَا التَّفَحُّشَ } . إذَا ثَبَتَ هَذَا ، فَإِنَّ الْوَرَثَةَ يُخْرِجُونَهَا عَنْ ذَلِكَ الْمَسْكَنِ ، إلَى مَسْكَنٍ آخَرَ مِنْ الدَّارِ إنْ كَانَتْ كَبِيرَةً تَجْمَعُهُمْ ، فَإِنْ كَانَتْ لَا تَجْمَعُهُمْ ، أَوْ لَمْ يُمْكِنْ نَقْلُهَا إلَى غَيْرِهِ فِي الدَّارِ ، وَلَمْ يَتَخَلَّصُوا مِنْ أَذَاهَا بِذَلِكَ ، فَلَهُمْ نَقْلُهَا . وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا : يَنْتَقِلُونَ هُمْ عَنْهَا ; لِأَنَّ سُكْنَاهَا وَاجِبٌ فِي الْمَكَانِ ، وَلَيْسَ بِوَاجِبِ عَلَيْهِمْ .
وَالنَّصُّ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا تُخْرَجُ ، فَلَا يُعَرَّجُ عَلَى مَا خَالَفَهُ ; وَلِأَنَّ الْفَاحِشَةَ مِنْهَا ، فَكَانَ الْإِخْرَاجُ لَهَا . وَإِنْ كَانَ أَحْمَاؤُهَا هُمْ الَّذِينَ يُؤْذُونَهَا ، وَيُفْحِشُونَ عَلَيْهَا ، نُقِلُوا هُمْ دُونَهَا ، فَإِنَّهَا لَمْ تَأْتِ بِفَاحِشَةٍ ، فَلَا تُخْرَجُ بِمُقْتَضَى النَّصِّ ، وَلِأَنَّ الذَّنْبِ لَهُمْ فَيَخُصُّونَ بِالْإِخْرَاجِ .
nindex.php?page=treesubj&link=12708_12707وَإِنْ كَانَ الْمَسْكَنُ لِغَيْرِ الْمَيِّتِ فَتَبَرَّعَ صَاحِبُهُ بِإِسْكَانِهَا فِيهِ ، لَزِمَهَا الِاعْتِدَادُ بِهِ ، وَإِنْ أَبَى أَنْ يُسْكِنَهَا إلَّا بِأُجْرَةٍ ، وَجَبَ بَذْلُهَا مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ ، إلَّا أَنْ يَتَبَرَّعَ إنْسَانٌ بِبَذْلِهَا ، فَيَلْزَمُهَا الِاعْتِدَادُ بِهِ ، فَإِنْ حَوَّلَهَا صَاحِبُ الْمَكَانِ ، أَوْ طَلَبَ أَكْثَرَ مِنْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ ، فَعَلَى الْوَرَثَةِ إسْكَانُهَا إنْ كَانَ لِلْمَيِّتِ تَرِكَةٌ يُسْتَأْجَرُ لَهَا بِهِ مَسْكَنٌ ; لِأَنَّهُ حَقٌّ لَهَا يُقَدَّمُ عَلَى الْمِيرَاثِ ، فَإِنْ اخْتَارَتْ النَّقْلَةَ عَنْ هَذَا الْمَسْكَنِ الَّذِي يَنْقُلُونَهَا إلَيْهِ ، فَلَهَا ذَلِكَ ; لِأَنَّ سُكْنَاهَا بِهِ حَقٌّ لَهَا ، وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ عَلَيْهَا ، فَإِنَّ الْمَسْكَنَ الَّذِي كَانَ يَجِبُ عَلَيْهَا السُّكْنَى بِهِ ، هُوَ الَّذِي كَانَتْ تَسْكُنُهُ حِينَ مَوْتِ زَوْجِهَا ، وَقَدْ سَقَطَتْ عَنْهَا السُّكْنَى بِهِ ، وَسَوَاءٌ كَانَ الْمَسْكَنُ الَّذِي كَانَتْ بِهِ لِأَبَوَيْهَا ، أَوْ لَأَحَدِهِمَا ، أَوْ لَغَيْرِهِمْ .
وَإِنْ كَانَتْ تَسْكُنُ فِي دَارِهَا فَاخْتَارَتْ الْإِقَامَةَ فِيهَا ، وَالسُّكْنَى بِهَا مُتَبَرِّعَةً أَوْ بِأُجْرَةٍ تَأْخُذُهَا مِنْ التَّرِكَةِ ، جَازَ ، وَيَلْزَمُ الْوَرَثَةَ بَذْلُ الْأُجْرَةِ إذَا طَلَبَتْهَا ، وَإِنْ طَلَبَتْ أَنْ تُسْكِنَهَا غَيْرَهَا ، وَتَنْتَقِلَ عَنْهَا ، فَلَهَا ذَلِكَ ; لِأَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهَا أَنْ تُؤْجِرَ دَارَهَا وَلَا تُعِيرَهَا ، وَعَلَيْهِمْ إسْكَانُهَا .