[ ص: 182 ] باب الحال التي تجب فيها النفقة على الزوج . ( 6519 ) مسألة ; قال رحمه الله : ( وإذا ) وجملة ذلك أن تزوج بامرأة مثلها يوطأ ، فلم تمنعه نفسها ، ولا منعه أولياؤها ، لزمته النفقة : أحدهما : أن تكون كبيرة يمكن وطؤها ، فإن كانت صغيرة لا تحتمل الوطء ، فلا نفقة لها . وبهذا قال المرأة تستحق النفقة على زوجها بشرطين الحسن ، وبكر بن عبد الله المزني ، ، والنخعي وإسحاق ، ، وأصحاب الرأي . وهو المنصوص عن وأبو ثور . وقال في موضع لو قيل : لها النفقة . كان مذهبا . وهذا قول الشافعي ; لأن تعذر الوطء لم يكن بفعلها ، فلم يمنع وجوب النفقة لها ، كالمرض . الثوري
ولنا ، أن النفقة تجب بالتمكين من الاستمتاع ، ولا يتصور ذلك مع تعذر الاستمتاع ، فلم تجب نفقتها ، كما لو منعه أولياؤها من تسليم نفسها ، وبهذا يبطل ما ذكروه ، ويفارق المريضة ، فإن الاستمتاع بها ممكن ، وإنما نقص بالمرض ، ولأن من لا تمكن الزوج من نفسها ، لا يلزم الزوج نفقتها ، فهذه أولى ; لأن تلك يمكن الزوج قهرها والاستمتاع بها كرها ، وهذه لا يمكن ذلك فيها بحال . الشرط الثاني ، أن تبذل التمكين التام من نفسها لزوجها ، فأما إن منعت نفسها أو منعها أولياؤها ، أو تساكتا بعد العقد ، فلم تبذل ولم يطلب ، فلا نفقة لها ، وإن أقاما زمنا ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم تزوج ودخلت عليه بعد سنتين ، ولم ينفق إلا بعد دخوله ، ولم يلتزم نفقتها لما مضى . ولأن النفقة تجب في مقابلة التمكين المستحق بعقد النكاح ، فإذا وجد استحقت ، وإذا فقد لم تستحق شيئا ، ولو عائشة ، بأن تقول : أسلم إليك نفسي في منزلي دون غيره . أو في الموضع الفلاني دون غيره . لم تستحق شيئا ، إلا أن تكون قد اشترطت ذلك في العقد ; لأنها لم تبذل التسليم الواجب بالعقد ، فلم تستحق النفقة ، كما لو قال البائع : أسلم إليك السلعة على أن تتركها في موضعها ، أو في مكان بعينه . بذلت تسليما غير تام
وإن شرطت دارها أو بلدها ، فسلمت نفسها في ذلك ، استحقت النفقة ; لأنها سلمت التسليم الواجب عليها ; ولذلك لو سلم السيد أمته المزوجة ليلا دون النهار ، استحقت النفقة ، وفارق الحرة ، فإنها لو بذلت تسليم نفسها في بعض الزمان ، لم تستحق شيئا ; لأنها لم تسلم التسليم الواجب بالعقد . وكذلك إن أمكنته من الاستمتاع ، ومنعته استمتاعا ، لم تستحق شيئا لذلك .