( 6779 ) مسألة : ( قال : وإن كان القتل عمدا ، فهي في مال القاتل ، حالة أرباعا ; خمس وعشرون بنات مخاض ، وخمس وعشرون بنات لبون ، وخمس وعشرون حقة ، وخمس وعشرون جذعة ) أجمع أهل العلم على أن دية العمد  تجب في مال القاتل ، لا تحملها العاقلة . وهذا قضية الأصل ، وهو أن بدل المتلف ، يجب على المتلف ، وأرش الجناية على الجاني ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : { لا يجني جان إلا على نفسه   } . 
وقال لبعض أصحابه ، حين رأى معه ولده : " ابنك هذا ؟ " . قال : نعم . قال : { أما إنه لا يجني عليك ، ولا تجني عليه   } ولأن موجب الجناية أثر فعل الجاني ، فيجب أن يختص بضررها ، كما يختص بنفعها ، فإنه لو كسب كان كسبه له دون غيره ، وقد ثبت حكم ذلك في سائر الجنايات والأكساب ، وإنما خولف هذا الأصل في قتل المعذور فيه ، لكثرة الواجب ، وعجز الجاني في الغالب عن تحمله ، مع وجوب الكفارة عليه ، وقيام عذره ، تخفيفا عنه ، ورفقا به ، والعامد لا عذر له ، فلا يستحق التخفيف ، ولا يوجد فيه المعنى المقتضي للمواساة في الخطأ . إذا ثبت هذا فإنها تجب حالة . وبهذا قال  مالك  والشافعي ، وقال  أبو حنيفة  تجب في ثلاث سنين ; لأنها دية آدمي ، فكانت مؤجلة ، كدية شبه العمد . 
ولنا ، أن ما وجب بالعمد المحض كان حالا ، كالقصاص ، وأرش أطراف العبد ، ولا يشبه شبه العمد ; لأن القاتل معذور ، لكونه لم يقصد القتل ، وإنما أفضى إليه من غير اختيار منه ، فأشبه الخطأ ; ولهذا تحمله العاقلة ، ولأن القصد التخفيف على العاقلة الذين لم تصدر منهم جناية ، وحملوا أداء مال مواساة ، فالأرفق بحالهم التخفيف عنهم ، وهذا موجود في الخطأ وشبه العمد على السواء ، وأما العمد ، فإنما يحمله الجاني في غير حال العذر ، فوجب أن يكون ملحقا ببدل سائر المتلفات ، ويتصور الخلاف معه ، فيما إذا قتل ابنه ، أو قتل أجنبيا ، وتعذر استيفاء القصاص ، لعفو بعضهم ، أو غير ذلك . واختلفت الرواية في مقدارها  ، فروى جماعة عن  أحمد  أنها أرباع ، كما ذكر  الخرقي  ، وهو قول الزهري  ، وربيعة  ومالك   وسليمان بن يسار  ،  وأبي حنيفة    . وروي ذلك عن  ابن مسعود  رضي الله عنه . 
وروى جماعة عن  أحمد  ، أنها ثلاثون حقة ، وثلاثون جذعة ، وأربعون خلفة في بطونها أولادها . وبهذا قال  عطاء  ،  ومحمد بن الحسن   والشافعي    . وروي ذلك عن  عمر  ،  وزيد  ،  وأبي موسى  ،  والمغيرة    ; لما روى  عمرو بن شعيب  ، عن أبيه ، عن جده ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن : { من قتل متعمدا ، دفع إلى أولياء المقتول فإن شاءوا قتلوه ، وإن شاءوا أخذوا الدية ، وهي ثلاثون حقة ، وثلاثون جذعة ، وأربعون خلفة ، وما صولحوا عليه فهو لهم   } . وذلك لتشديد القتل رواه الترمذي  ، وقال : هو حديث حسن غريب . 
وعن  عبد الله بن عمرو  ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { ألا إن في قتيل عمد الخطأ ، قتيل السوط والعصا ، مائة من الإبل ، منها أربعون خلفة في بطونها أولادها   } . رواه الإمام  أحمد  ، وأبو داود  ، وغيرهم وعن  عمرو بن شعيب ،  أن رجلا يقال له :  قتادة  حذف ابنه بالسيف ، فقتله فأخذ  عمر  منه الدية ; ثلاثين حقة ، وثلاثين جذعة ، وأربعين خلفة رواه  مالك  في " موطئه " ووجه الأول ما روى الزهري ،  عن  السائب بن يزيد  ، قال : كانت الدية على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أرباعا خمسا  [ ص: 294 ] وعشرين جذعة ، وخمسا وعشرين حقة ، وخمسا وعشرين بنت لبون ، وخمسا وعشرين بنت مخاض . ولأنه قول  ابن مسعود  ولأنه حق يتعلق بجنس الحيوان ، فلا يعتبر فيه الحمل ، كالزكاة والأضحية . 
( 6780 ) فصل : والخلفة : الحامل وقول النبي صلى الله عليه وسلم : { في بطونها أولادها   } تأكيد ، وقلما تحمل إلا ثنية ، وهي التي لها خمس سنين ودخلت في السادسة ، وأي ناقة حملت فهي خلفة ، تجزئ في الدية ، وقد قيل : لا تجزئ إلا ثنية ; لأن في بعض ألفاظ الحديث : { أربعون خلفة ، ما بين ثنية عامها إلى بازل   } . ولأن سائر أنواع الإبل مقدرة السن ، فكذلك الخلفة . والذي ذكره  القاضي  هو الأولى ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم أطلق الخلفة ، والخلفة هي الحامل ، فيقتضي أن تجزئ كل حامل . ولو أحضرها خلفة ، فأسقطت قبل قبضها ، فعليه بدلها ، فإن أسقطت بعد قبضها أجزأت ; لأنه برئ منها بدفعها . 
				
						
						
