[ ص: 40 ] فصل : وإذا كان الزاني رجلا أقيم قائما ، ولم يوثق بشيء ولم يحفر له  ، سواء ثبت الزنى ببينة أو إقرار . لا نعلم فيه خلافا ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يحفر لماعز    . قال  أبو سعيد    : { لما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم برجم ماعز  خرجنا به إلى البقيع  ، فوالله ما حفرنا له ، ولا أوثقناه ، ولكنه قام لنا   } . رواه أبو داود    . ولأن الحفر له ، ودفن بعضه ، عقوبة لم يرد بها الشرع في حقه ، فوجب أن لا تثبت . وإن كان امرأة ، فظاهر كلام  أحمد  ، أنها لا يحفر لها أيضا . وهو الذي ذكره  القاضي  في " الخلاف " ، وذكر في " المجرد " أنه إن ثبت الحد بالإقرار ، لم يحفر لها ، وإن ثبت بالبينة ، حفر لها إلى الصدر . 
قال  أبو الخطاب    : وهذا أصح عندي . وهو قول أصحاب  الشافعي    ; لما روى أبو بكر  وبريدة  ، { أن النبي صلى الله عليه وسلم رجم امرأة ، فحفر لها إلى الثندوة   } . رواه أبو داود    . ولأنه أستر لها ، ولا حاجة إلى تمكينها من الهرب ، لكون الحد ثبت بالبينة ، فلا يسقط بفعل من جهتها ، بخلاف الثابت بالإقرار ، فإنها تترك على حال لو أرادت الهرب تمكنت منه ; لأن رجوعها عن إقرارها مقبول . ولنا ، أن أكثر الأحاديث على ترك الحفر ، فإن { النبي صلى الله عليه وسلم لم يحفر للجهنية  ، ولا لماعز  ، ولا لليهوديين   } ، والحديث الذي احتجوا به غير معمول به ، ولا يقولون به ، فإن التي نقل عنه الحفر لها ، ثبت حدها بإقرارها ، ولا خلاف بيننا فيها ، فلا يسوغ لهم الاحتجاج به مع مخالفتهم له . إذا ثبت هذا ، فإن ثياب المرأة تشد عليها ، كي لا تنكشف . 
وقد روى أبو داود  ، بإسناده عن  عمران بن حصين  ، قال : فأمر بها النبي صلى الله عليه وسلم ، فشدت عليها ثيابها . ولأن ذلك أستر لها . 
				
						
						
